الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 07:14

المصدر: النهار

السعودية تتوعّد إيران في الجامعة العربية… وموقف لبنان تحت المجهر

ورة غير عادية تعقدها جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية يوم الأحد القادم لبحث “الانتهاكات الايرانية”. اجتماع سيضع لبنان أمام اختبار جديد لتحديد موقفه الرسمي من الأزمة التي اشتدت حدتها في الأيام الاخيرة بين المملكة العربية والجمهورية الإسلامية.

 إما أبيض أو أسود، لا مجال للمواقف الرمادية بعد الآن، وما الاجتماع الذي دعت اليه السعودية بعد موافقة البحرين والإمارات والتشاور مع جيبوتي التي ترأس الدورة الحالية لمجلس الجامعة إلا فحص DNA للبنان كما اعتبر البعض للكشف بما لا يقبل الشك عن توجهاته والمحور الذي سيدور في فلكه.

بين الاعتراض والامتناع

في لمحة سريعة عن مواقف لبنان في الجامعة العربية في ما يتعلق بهذه القضية فقد اعترض في كانون الثاني من العام الماضي على بيانها الصادر في ختام الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب حول إيران، بينما امتنع عن التصويت على القرار المتعلق بالأزمة السعودية -الإيرانية، وأكد لبنان “احتراماً للتضامن العربي والتزاماً بسياسة الحكومة اللبنانية القائمة على النأي عن الأزمات المشابهة، فإننا نعترض على البيان لذكره “حزب الله” اللبناني وربطه بأعمال إرهابية، فيما هو ممثل في مجلس النواب ومجلس الوزراء اللبنانيين، وطلبنا إزالة هذه العبارة ليكون موقف الجمهورية اللبنانية من البيان شبيهاً بالموقف من القرار (النأي بلبنان) أي الامتناع عن التصويت”، كما امتنع لبنان عن التصويت على قرار عربي يدين سياسة إيران في المنطقة، خصوصاً في عدد من الدول العربية.

وفي آذار من العام الماضي أعلنت جامعة الدول العربية تصنيف “حزب الله” اللبناني منظمة إرهابية تحفظ لبنان والعراق على القرار، في حين أبدت الجزائر بعض الملاحظات.

مخرج النأي بالنفس

المستشار السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية اللبنانية جان عزيز أكد لـ “النهار” أنه بعد عودة وزير الخارجية جبران باسيل من الجولة الاوروبية التي يقوم بها ستقرر وزارة الخارجية مستوى المشاركة والمقاربة بعد تنسيقها مع الحكومة والمسؤولين”، مشدداً على أن “موضوع النأي بالنفس مسألة ثابتة ومنصوص عليه في البيان الوزاري للحكومة”.

التريث مطلوب كما قال وزير الخارجية السابق عدنان منصور لـ “النهار”، وذلك “لمعرفة ما إن كان سيطرح موضوع لبنان وحيثيات الاجتماع ومواقف المشاركين. فالمسألة لا تتعلق فقط بالإدانة بل يجب معرفة فحوى مشروع القرار والبنود التي سيتضمنها، ومن سيدور في الفلك السعودي اي من سيوافق ومن سيتحفظ على القرار، لا أتصور ان العراق يرضى بقرار إدانة ايران وكذلك سلطنة عمان وربما تونس والجزائر أما بقية الدول فتدور في فلك السعودية، مع التذكير ان لبنان يتبع سياسة النأي بالنفس وان كان هناك قرار ادانة من ايران ضد السعودية سيتبع لبنان ذات الخطوة، فالنأي بالنفس لا يشمل موضوعاً دون آخر، اذ لا يمكن ان يكون هناك صيف وشتاء على سطح واحد”. وعن سبب عدم لجوء لبنان الى جامعة الدول العربية لحل ازمته، أجاب “لأن وضعه ضعيف. فحتى لو دعا الى ذلك، فإن الالتفاف حول المملكة اكبر بكثير”.

مطلب لبنان الاساسي

وبالنسبة إلى سفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بو حبيبن فإن “الجامعة العربية فقدت الاحترام الدولي والعربي، كما ان الدول المعنية لا يهمها رأيها، فهي مسيرة من دول الخليج”. وأضاف “موقف لبنان مما سيدور ويصدر عن اجتماع الجامعة القادم يتوقف إن كان الرئيس الحريري عاد الى لبنان ام لا، فهذا الامر هو المطلب الاساسي للبنانيين اليوم وهو يحظى بإجماع دولي، فإن حضر وزير الخارجية جبران باسيل الاجتماع قبل عودة الحريري سيؤكد على هذا المطلب وإن عاد الرئيس قبل ذلك سيحدد وإياه مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب سياسة لبنان القادمة مع التأكيد أن لا احد منهم يريد مشاكل مع السعودية”.

لبنان ساحة الاختبار

“اليوم ساحة الاختبار للدعوة السعودية لاجتماع جامعة الدول العربية هي الساحة اللبنانية، لا سيما في ظل تصاعد حدة أزمته الداخلية واعتبار المملكة أن ثمة حالة اختطاف له من حزب الله”، بحسب ما قاله الخبير في الشأن الخليجي الدكتور محمد عز العرب لـ “النهار”. ويضيف “هذه الدعوة هي اختبار كذلك لمدى بلورة سياسة عربية موحدة تجاه النفوذ الايراني داخل لبنان، لكن هناك اشكالية حقيقية لكون لا يوجد رؤية عربية متفق عليها في ما يخص هذا السياق، سواء ما بين دول الخليج ذاتها فالسعودية مثلاً لديها رؤية تختلف عن رؤية الكويت او على الاقل مغايرة لسلطنة عمان، إضافة الى اختلاف الرؤية بين البحرين ومصر في ما يخص التصعيد الحاصل بين لبنان من جهة والمملكة من جهة اخرى”. واستطرد “الكويت وقطر وسلطنة عمان لا تريد التصعيد في مواجهة ايران بل إن هناك رؤية تتبناها مصر تعتبر ان تصعيد الازمة اللبنانية ومواجهة “حزب الله” وايران سيضاعف من عدم الاستقرار الاقليمي ويزيد من مكاسب التنظيمات الارهابية العابرة للحدود والقوى الاقليمية الداعمة لها”.

مواجهة ديبلوماسية

على العكس من ذلك، فإن اجتماع وزارء الخارجية العربية لا يعتبره خبير في شؤون الجامعة العربية اختباراً للبنان ان كان عربياً ام لا، بل كما قال لـ “النهار” إنه “مواجهة ديبلوماسية لايران من خلال الذهاب الى الجامعة واستصدار قرار عربي يعزز الموقف السعودي”. واشار إلى أنه “من حق لبنان الدفاع عن نفسه والالتزام بسياسة النأي بالنفس، وسيبنى على الشيء مقتضاه بحسب الامور المطروحة خلال الاجتماع، اتوقع ان يصدر قرار يدين التدخل الايراني في الدول العربية، قد يمتنع لبنان عن التصويت عليه وقد يحظى قرار من هذا النوع بالتصويت عليه باكثرية الاصوات مع العلم ان 11 صوتاً اضافة الى صوت يعني اكثرية، لكن ان ذهب القرار نحو ادانة الحكومة اللبنانية عندها لن يكون مقبولاً لبنانياً”. وعن دور الجامعة العربية في حل الازمة القائمة بين لبنان والمملكة وبين الاخيرة وإيران علّق “المطلوب تحرك الجامعة أياً تكن الصعوبات لرأب الصدع بين الدول العربية ولاحتواء الخلاف وإيجاد ارضية مشتركة، لكن الجامعة لا تتوسط مع دول غير عربية كإيران”.

مأزق الخيارات

سيخرج المجتمعون بحسب عز العرب “ببيان ختامي أقرب الى البيانات الانشائية الرسمية، يتمحور حول ادانة دور “حزب الله” في لبنان والتنديد بدعم ايران لميليشات الحوثي في اليمن والبحرين وأعمالها في المنطقة العربية التي تقوض الأمن والسلم”. واشار إلى أن “كل الخيارات سيئة بالنسبة للبنان، فحكومته مستقيلة ودور “حزب الله” لا يمكن انكاره، لكن الاشكال الحقيقي يتمثل في عدم القدرة على لجم تصرفات الحزب الذي لم يعد فقط يمتلك الثلث المعطل بل وزارات وحقائب سيادية كبيرة، ولا توجد مؤشرات بأنه سوف يلتزم بنطاقه المحلي بل هو متورط في الازمة السورية وارتداداتها المستمرة على الداخل والدول العربية، وتالياً لا توجد خيارات محددة لمنع هذه الإدانة وخصوصاً أن هناك بيانات صادرة في اجتماعات عدة للجامعة العربية في ما يخص ذلك، لكن لبنان يرجح فكرة ان هذا البيان لا ينطوي على سياسات عملية”، كما ان اي موقف يأخذه لبنان، يتوقف “على عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، وكيفية التعامل مع التجاذبات والانقسامات الداخلية اللبنانية، والموقف من الترتيبات المرتبطة بتشكيل الحكومة وتالياً سيكون الرد اللبناني الرسمي إعطاء المزيد من الفرص لاحتواء الازمة”.

الاجتماع المقبل سيحدد الخطوة التي ستتخذها المملكة حيال لبنان، وعما إن كان التصعيد سيظلّ سيّد الموقف، الكرة الآن في مرمى الوزير جبران باسيل، فأي هدف سيجل وفي مرمى مَن؟ هل سيؤدي هدفه إلى خسارة لبنان حاضنته العربية؟ وهل تكفي سياسة النأي بالنفس التي انتهجها لبنان عند التصويت على معظم قرارات الجامعه في ظل ازمة كهذه؟ وحدها الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن كل هذه الأسئلة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها