الثلاثاء ١ أيار ٢٠١٨ - 11:52

المصدر: الصوت

تلاتي بْواحد

من السهل جدّاً على من لا يتعاطى النشاط السياسي، تحديداً الملتزم منه، ألّا يراعي متطلبات البراغماتية السياسية، لاسيّما في موضوعات تتصل بالأخلاقيات.

يقضي المنطق بأن تحمل اللائحة الإنتخابية المقفلة برنامجاً مشتركاً ومجموعة قيم متسقة بعضها مع بعض، في مقابل (أي لتبرير) حرمان الناخب تشكيل اللائحة عند الإقتراع، تشطيباً وإضافةً. فالإقتراع للائحة مقفلة، يعني إنتقاء مشروع واضح وقيم محددّة، تكتّل حاملوها بعضهم مع بعض لحشد التأييد والدعم لها بصرف النظر عن حسابات الربح والخسارة، ولغرض تحقيقها إذا ما قدّر لهم الوصول إلى البرلمان.

باستثناء عدد قليل من اللوائح الإنتخابية، يصح وصف الغالبية منها بالهجينة – والتي يبلغ بعضها مستوى الطرفة، على سماجتها – بما تجمع من أضداد، هم أنفسهم غير مقتنعين بها. ارتضوها مرغمين لضرورات إنتخابية، بل قل لتبرير العودة أو الوصول إلى مجلس النواب. الأكثر طرافة في الموضوع، مرشّحون يسوّقون لبرامج إنتخابية خاصة بهم. طيّب، وبخصوص اللايحة ؟

في الدول الديموقراطية، تتكون التحالفات بعد تحديد الأحجام (بنتيجة الإنتخابات) وغالباً ما تكون على مشروع مشترك (وإن في حدّه الأدنى: رؤية إقتصادية، التصدي لخطر يهدد كيان الدولة، وليس السلطة).

بناء على ما تقدم، يُسَجّل لقانون الإنتخاب إسقاطه ثلاثة أقنعة : صانعوه، مرشحوه وناخبوه.

القناع الأول
رب قائل أن العيب ليس في القانون بل في المتحالفين.
حسناً، لم يُستقدم واضعو القانون كخبراء أجانب من ليشتنشتاين أو طشقند، بل هم سياسيون لبنانيون مخضرمون، لهم باع طويل في العمل السياسي، وهم خبراء في فهم إلتواءات العقل “السياستجي” اللبناني. ويتحمل هؤلاء بوصفهم هذا مسؤولية أخلاقية ومعنوية لتوفير أداة إحتيال وغش، أي القانون الحالي.

القناع الثاني
أما المرشحون-المتحالفون، فحدّث ولا حرج في إلتزامهم الأخلاقيات: هويات دينية متناقضة، عقائد سياسية متصارعة، رؤى إقتصادية وإجتماعية متعارضة تجتمع على لائحة واحدة. طيّب، كيف والحال تبرير “إلتزامنا الأمانة وفاءاً للشهداء، والتضحيات في وجه المشروع النقيض الذي يهدف إلى إقصائنا وتدمير لبنان…”
(ملاحظة: المقطع أعلاه ليس مقتبساً من خطاب محدد، لكنه يصلح للوائح كافة).
أين مصداقية مرشح أو تحالف مرشحين يلزم الناخب التصويت لمشروعٍ سياسي ونقيضه؟

القناع الثالث
هل يتساءل الناخب عن مكانة حقه بالإختيار الحر في سياق القانون الحالي والتحالفات القائمة؟
هل يدرك الناخب أنّه من خلال إعطاء صوته للائحة هجينة ينفي أي إمكانية للحديث عن إلتزامه أي أخلاقيات أو مبادئ؟
هل يتساءل الناخب عن مفهوم صحة التمثيل؟ كيف مثلاً لناخب في دائرة بيروت الثانية أن ينكر على أي من مرشحي لائحة “وحدة بيروت” (جمعيةَ المشاريعِ الإسلامية و”حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” وشخصيات مستقلة) تمثيله في المجلس النيابي في حال نجاحه؟

يعني، نحن أمام حالة من النفاق السياسي والشخصي بين مرشحي اللوائح (المتحالفين ضمن اللائحة نفسها)، من المرشحين تجاه الناخبين، ومن الناخبين تجاه المرشحين.
المعضلة إذاً أخلاقية قبل أي شيء آخر.

على الصعيد الشخصي، تذكّرني الجلسات والنقاشات الماراتونية التي سبقت إقرار القانون الحالي، والتي ستلي الإنتخالات، بمحضر جلسة إستحضار بلدية “الجان” من مسرحية “المحطة”!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها