الأربعاء ٢٠ حزيران ٢٠١٨ - 08:36

المصدر: الصوت

لبنان في عهد الجنرال القوي عبّاس ابرهيم والعلاقات المميزة مع إيران

يسقط التمييز مرة تلو المرة بين الدولة اللبنانية و”حزب الله”. يسقط في طريقة معالجة موضوع اللاجئين السوريين كما في مرسوم التجنيس كما في قرار إعفاء الإيرانيين من ختم جوازاتهم في مطار الرئيس رفيق الحريري وعلى المعابر الحدودية.

الطريف أن السياسيين الذين يفترض أن يعارضوا هذا التوجه المنافي لمصلحة بلادهم يهربون من الموضوع إلى مهاجمة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لأنه رئيس “التيار الوطني الحر” وصهر رئيس الجمهورية وحليف “حزب الله”، وذلك كي يتحاشوا تسمية الأمور بأسمائها والإعتراف بأن لبنان وقع في جبّ خامنئي على غرار ما وقع سابقاً في جبّ حافظ الأسد وابنه بشّار. وكي يتحاشوا تسمية “حزب الله” ينتقدون  المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم.

إلا أن لا ذروة للمفارقات البائسة تقارَن بالتمييز بين الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل، وهما سواء في موضوع التحالف مع “حزب الله”. أو بين “حزب الله” والجمهورية الإسلامية في إيران، على أساس أن هذا حزب لبناني في نهاية المطاف  وله مقاعد في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء، وإن بالرغم عنه وحتى لو أنكر  هو هذه الصفة عنه مؤكداً أنه الثورة الإسلامية، ثم المقاومة الإسلامية في لبنان. حزب على سلامته، يجمعنا به همّ مكافحة الفساد. وهل من خطر أعظم؟

وأيضاً على سلامته رئيس الجمهورية يجمعنا به تفاهم سميناه “التسوية” وفيها أوراق مكتوبة وتفاهمات غير مكتوبة تحفظ لكل فريق في العقد حقوقه كاملة. كل المشكلة أن هناك من دخل على الخط اسمه جبران باسيل وخربط في تنفيذ البنود. وهناك ضابط قوي نستطيع أن نرمي عليه كل أخطاء الدولة في العهد القوي اسمه عباس ابرهيم. ونحن لا نعارض- أعوذ بالله!- بل نعترض على تصرفات هذين الرجلين أحياناً، وعندما لا نستطيع السكوت أمام الرأي العام والأصدقاء في الخارج.

أصدقاء لا حلفاء. ليس للبنان حلفاء هذه الأيام. العرب ضدنا والغرب ضدنا. ليس لغير “حزب الله” حلفاء يرتقون إلى مستوى الشراكة في إيران، وبدرجات أقل في سوريا بشار الاسد وجماعة “الحشد الشعبي” في العراق والحوثيين في اليمن. كانوا يقولون في زمن الوصاية السورية انتقدوا بقدر ما تريدون ولكن لا تذكروا سيادة الرئيس. اليوم انتقدوا بقدر ما تريدون ولكن لا تذكروا “حزب الله” وأن إيران تسيطر على لبنان وقراره عملياً. يزعل السيد حسن نصرالله وجمهوره ويزعل حليفه وحليفنا “التيار الوطني الحر”.

ليس للبنان حلفاء يوازن بهم سيطرة إيران المتزايدة والمتصاعدة على قراره وسياساته الداخلية والخارجية.

ليس للبنان حلفاء لأن العرب وفي مقدمهم السعودية تخلوا عنه عملياً، اكتفت ببعض الدعم المالي لبعض المحسوبين عليها كي يفوزوا في الإنتخابات على المحسوبين عليهم وليس على خصومهم. ولأن الغرب وفي طليعته أميركا وفرنسا وسائر دول أوروبا يئس من لبنان، وكلهم يتجهون إلى قرار فرض مزيد من العقوبات على “حزب الله” الحاكم. وإذا قرروا إعطاء لبنان مساعدات فبشروط الموسكوب. هل هناك مثلاً أصعب وأعظم من اشتراط امتثال “حزب الله” للدولة اللبنانية وخضوعه للقرارات الدولية، وإنهاء النهب المنظم للدولة على أيدي الحكام المفترضين والسياسيين فيها؟

تخلوا عن لبنان لأن أبناءه فقدوا إرادتهم الوطنية. للمرة الأولى في تاريخهم الحديث فقدوها. لم يحصل ذلك من قبل في عز سيطرة التنظيمات الفلسطينية وجيوش سوريا وإسرائيل وكل دول العالم التي مرت بلبنان.

فقدوها لأن زعماءهم- زعماء آخر زمان- الذين يفترض بهم أن يقودوا جبهة المواجهة والرفض والإعتراض على الإحتلال السوري المقنّع فرطوا هذه الجبهة، وكان كل منهم يلقي اللوم على الآخر قبل أن ينصرف بدوره إلى النضال من أجل حصته في جبنة الحكم الفاسدة.

أرسل الله من عنده اللواء عباس ابرهيم كي ينقذ الجمهورية التعيسة كلما وقعت في مطبّ.

يخطف إرهابيون مدنيين لبنانيين في إعزاز أينك يا عباس ابرهيم .

يخطفون عساكر لبنانيين أينك يا عباس ابرهيم.

يختلف رئيسا الجمهورية ومجلس النواب على مرسوم ترقية الضباط أينك يا عباس ابرهيم.

يختلف أطراف الحكومة على الإتصال بنظام بشار الأسد ومعاودة العلاقات به أينك يا عباس ابرهيم.

يختلف جبران باسيل مع رئيس مجلس النواب ويتبادلان كلام النبرة العالية والأوصاف المشينة وينزل الناس من الطرفين إلى الشوارع أينك يا عباس ابرهيم.

تضغط الولايات المتحدة وخلفها إسرائيل لترسيم الحدود البحرية والبرية مع لبنان ومن ضمنها مزارع شبعا أينك يا عباس ابرهيم.

يختلفان على مرسوم تعيين القناصل أينك يا عباس ابرهيم .

يصطدم لبنان والأحرى جبران باسيل بالمجتمع الدولي في قضية إعادة اللاجئين السوريين أينك يا عباس ابرهيم.

تقوم القيامة على مرسوم التجنيس المشبوه أينك يا عباس ابرهيم.

يقرر لبنان إعطاء الإيرانيين امتياز دخول أراضيه والخروج منها عبر المطار وسواه من دون تأشيرات وختم جوازات سفرهم فتثور ضجة على هذه العلاقات المميزة مع “الشقيقة إيران” هذه المرة. أينك يا عباس ابرهيم.

ملاحظة: ليس الحق على اللواء عباس ابرهيم إذا كان هو الجنرال القوي في الجمهورية الضعيفة في العهد الضعيف.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها