إقليمية
الخميس ٢٥ آذار ٢٠٢١ - 14:07

المصدر: الحرة

احتجاجات الأردن تتحدى أمر الدفاع والحراك “متمسك” بالابتعاد عن “إسقاط النظام والملك”

يشهد الأردن منذ أسبوعين تقريبا تظاهرات احتجاجية في أكثر من محافظة، وينقسم الشارع معها بين مؤيد لـ”المطالب المشروعة”، وطرف آخر يعتبر “الحراك الشعبي أداة بيد أطراف خارجية تهدف لضرب استقرار البلاد”.

واعتقلت السلطات الأمنية الأردنية، أمس الأربعاء، عشرات المتظاهرين الذين شاركوا في الاعتصامات التي دعت إليها مجموعات أطلقت على نفسها اسم “حركة 24 آذار”، وذلك لإحياء ذكرى الاعتصام المفتوح، الذي تم فضه في التاريخ نفسه عام 2011. 

ويعتبر اعتصام “24 آذار” من  الاحتجاجات الشعبية الضخمة في تاريخ البلاد الحديث، حيث شارك فيه الآلاف من الأردنيين إبان الربيع العربي عام 2011، حملوا مطالب سياسية ومعيشية، إلا أنّ القوات الأمنية فضت الاحتجاج بالقوة، ما أسفر عن وقوع حالة وفاة واحدة وعدد من الجرحى، بحسب منظمة العفو الدولية.

ووفقاً لما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد منعت القوات الأمنية المتظاهرين يوم أمس من الوصول إلى أماكن الاعتصام في دوار الداخلية (وسط العاصمة عمان)، وفي محافظتي إربد والمفرق، بعدما فضت التحرك بالقوة.

ونشر حساب باسم “الأردنية”، على موقع “تويتر”، صورا وصفها بـ”زنازين الاعتقال” في المفرق، والتي أظهرت حجم التوقيفات، مشيراً إلى أنّ ظروف الاعتقال لم تراع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.

كما بيّنت مقاطع فيديو متداولة، تحت وسم  #يوجد_هنا_شعب، اعتقال قوات الأمن الأردني للعشرات من المتظاهرين.

ويشدد المتظاهرون على الاستمرار في تحركاتهم رغم أوامر الدفاع التي منعت التجمهر، وفرضت حظر تجوال مسائي منذ الساعة السابعة مساء حتى الساعة السادسة صباحا للحد من تفشي جائحة كورونا. 

كما يطلق المحتجون هتافات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية، ومكافحة الفساد، فضلاً عن إقالة الحكومة وحل مجلس النواب، ووقف العمل بقانون الدفاع.

“أذرع خارجية وخصوم إقليمية”

من جهته، اكتفى مصدر مقرب من الحكومة بالقول، لموقع “الحرة”، إن “أجهزة الدولة المعنية ترى وراء هذه التحركات بعض الأذرع الخارجية التحريضية”، وتابع: “قسم كبير منها اعتاد على بث رسائل على مواقع التواصل لإثارة البلبلة والفوضى”.

وهنا قال الكاتب والمحلل السياسي، زيد النوايسة، في حديث لموقع “الحرة”، إنّه “لا بد من طرح العديد من التساؤلات بشأن هذه التحركات، أبرزها حول توقيت هذه التظاهرات ضد حكومة بشر الخصاونة، التي بالكاد أمضت 5 أشهر في إدارة البلاد”.

وأضاف النوايسة: “الأردن في دائرة الاستهداف، هناك من لا يريد الاستقرار في البلاد، ولا شك أنّ هناك خصوم في الإقليم غير مرتاحين للهدوء السائد في مملكتنا خلال حقبة الربيع العربي”.

وتابع: “هناك قوى سياسية لديها امتداد إقليمي ودولي معنية في إحداث قلق في الأردن”.

“اتهامات باطلة”

في المقابل، اعتبر الناشط علاء الفزاع، عضو ملتقى “أبناء الأردن في المهجر”، أنّ “اتهامات وجود أجندات خارجية هي باطلة، وتذكّر بنفس ذرائع النظام السوري لقمع معارضيه”.

ولفت الفزاع إلى أنّ “المواطن الأردني في الداخل مكبل بقانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات وبنصوص قانونية تمنع انتقاد الملك، وبالتالي لا يستطيع النشطاء في الداخل التحدث بحرية”. 

وأضاف أن هذا الواقع الحقوقي دفع “بعض النشطاء الأردنيين في الخارج لمحاولة سد الفجوة وللتعاون مع الداخل لتغطية الاحتجاجات من ناحية، ولنقل وجهات النظر التي لا يستطيع من هم في الداخل التحدث فيها من ناحية أخرى”.

وشدد الناشط، المقيم في أوروبا، على أنّ “دعوات التظاهر خرجت من طرف مجموعة معروفة في الداخل الأردني هي المكتب التنفيذي للحراك الموحد، ويمثله أشخاص لهم نشاط في الشارع الأردني منذ 10 أعوام على الأقل، وكان دور النشطاء الخارجيين هو تبني هذه الدعوة والترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي يتابعها مئات آلاف الأردنيين في المهجر”.

“لا نية لإسقاط النظام”

ورداً على سؤال حول مطالب الحراك الشعبي، قال الفزاع: “هناك اتفاق واسع على عدم المطالبة بإسقاط النظام والملك”.

وتابع: “المطالب المطروحة تتعلق بحقوق طبيعية للمواطنين في أي دولة، وهي الحق في اختيار من يدير الدولة، والحق في التعبير عن الرأي، والحق في التمتع بالحقوق الأساسية للإنسان والمنصوص عليها في التشريعات الدولية”.

وختم: “هذه المطالب لا يمكن وصفها بأنها أجندات خارجية، كل الشعارات المطروحة جاءت بعد الفشل التراكمي في إدارة الدولة الأردنية والفساد العميق والمتجذر”.

“لا اعتقالات” و”الصحة أولوية”

وبالعودة إلى النوايسة، فقد شدد على أنّ “الحكومة تبذل جهودا استثنائية في محاربة الوباء ورفع جهوزية الجهاز الطبي في ظل هذه الظروف الصعبة”، مشيراً إلى أنه “تم فض تظاهرة إعادة إحياء ذكرى 24 آذار لمنع تفشي فيروس كورونا، وجرت بعض الاستدعاءات للحيلولة دون انتشار هذه التجمعات، لا حملة اعتقالات”.

كما شدد النائب السابق والباحث السياسي، هايل ودعان الدعجة، على أنّه “لطالما شهدت الساحة الأردنية تظاهرات ومسيرات تماهيا مع أجواء الديمقراطية التي كفلها الدستور، ولكن الوضع الحالي مختلف في ظل ما تشهده البلاد من مشكلة صحية كبيرة ممثلة بجائحة كورونا”.

واعتبر الدعجة، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “التظاهر يشكل تحديا للقانون والشروط الصحية المفروضة مثل لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي، لاسيما في ظل تزايد عدد الوفيات والحالات المصابة بالفيروس، ما يعني أن صحة المواطن وسلامته أولوية قصوى”.

وشدد على أنّ “أجواء التظاهرات تشكل بيئة خصبة تساعد على انتشار الوباء وهذا نتيجة عدم الالتزام بالتعليمات والشروط الصحية وأوامر الدفاع، وبالتالي هناك تعارض بين السماح بهذه التظاهرات والسيطرة على الوضع الصحي كما ترى الدولة”.

“استغلال حالة الطوارئ”

بينما اتهم مجلس جنيف للحقوق والحريات، السلطات الأردنية، بـ”استغلال حالة الطوارئ التي فرضت لمواجهة جائحة كورونا لقمع الحريات ومنع التجمع السلمي والتعبير عن حرية الرأي”.

وطالب مجلس جنيف، في بيان، السلطات الأردنية بـ”الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل الحق في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي”، مشدداً على ضرورة “الإفراج الفوري عن المعتقلين”

هذا وبلغ إجمالي إصابات فيروس كورونا في الأردن، 562 ألفاً و 857 إصابة، بعد تسجيل 9130 حالة جديدة الأربعاء، بحسب تقرير وزارة الصحة الذي تصدره بالتعاون مع رئاسة الوزراء.

“الأوضاع المعيشية”

وعن الجانب الاقتصادي والمعيشي للتحركات، قال المحلل السياسي، الدكتور خالد شنيكات، في حديث لموقع “الحرة”: “الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية صعبة في الأردن، وساهم وباء كورونا في ذلك، فقد ارتفعت معدلات الفقر بنسبة 25 بالمائة، وفقاً لبيانات البنك الدولي”.

وأشار شنيكات إلى أنّ “سياسة الإغلاق المرتبطة بمواجهة كورونا، أسفرت عن فقدان الآلاف لوظائفهم والبعض الآخر تخفيض رواتبهم، وتعطل قطاعات اقتصادية متعددة ومختلفة بسبب كورونا، بالاضافة إلى الأعباء الضريبية، وتراجع تحويلات الأردنيين من الخارج”.

وتابع: “الأوضاع المعيشية أعادت إحياء الاحتجاجات والمطالبة بالإصلاحات السياسية التي طالبت بها التحركات التي شهدها الأردن مع بداية الربيع العربي، خاصة أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تعمقت بعد مرور عشر سنوات، والترهل والفساد الإداري زاد، أمام فشل الحكومات المتعاقبة في اجتراح حلول ناجحة وحقيقية واستخدام سياسة ترحيل الأزمات بدلاً من مواجهة التحديات والسيطرة عليها”.

واعتبر شنيكات أنّ “الحل يتمثل بالأوراق النقاشية الملكية، والتي تشكل خارطة الطريق الحقيقية نحو حكومة برلمانية تتولى المسؤولية، وببرلمان قوي قادر على الرقابة والمحاسبة والتحقيق، وهذا يستلزم تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية والتي دعا الملك إلى تعديلها”.

مستشفى السلط

ويأتي ذلك ضمن موجة الاحتجاجات الغاضبة التي تشهدها محافظات أردنية عدة، منذ منتصف مارس الجاري، إثر فاجعة مستشفى السلط الحكومي، التي نتجت عنها سبع وفيات جرّاء نفاد مخزون الأوكسجين، في وقت وصلت مطالبات المتظاهرين إلى إقالة الحكومة وحل مجلس النواب ووقف العمل بقانون الدفاع.

هذا وكان العاهل الأردني، عبد الله الثاني، قد تعهد في 14 مارس الماضي، بمحاسبة المقصرين في حادثة مستشفى السلط الحكومي، فضلاً عن قيام مدعي عام السلط بتوقيف 5 مسؤولين في المستشفى وتوجيه تهمة التسبب بالوفاة.