مجتمع
الجمعة ٨ آذار ٢٠٢٤ - 18:52

المصدر: LBCI

رمضان بلا بهجة هذا العام في ظل حرب غزة

رمضان “حزين لكننا نحاول أن نصنع الفرح لأطفالنا” كما تقول نيفين السكسك النازحة من جباليا الى رفح بجنوب قطاع غزة والتي لا تملك أي شيء لإعداد أول إفطار في شهر يحييه المسلمون عادة بالعبادة والزينة وموائد الأطعمة الشهية في أجواء من البهجة.

فهذا العام، تلقي الحرب في غزة بظلالها على جزء كبير من المسلمين اقتصاديا ومعنويا، وخصوصا في الدول المجاورة لاسرائيل.

وأمام خيمة ضيقة من القماش مكسوة بالنايلون بالقرب من سور مدرسة تابعة للأمم المتحدة لايواءالنازحين في مخيم رفح، تداعب نيفين طفلتها التي حملت فانوس رمضان ملونا اشتراه زوجها من بسطة قريبة يكاد يقترب منها بضعة مشترين.

وقالت نيفين (26 عاما) وهي ام لطفلتين أنجبت احداهما في الرابع من تشرين الثاني في خيمة في رفح “نحاول ان نصنع الفرح لأطفالنا بالفوانيس لأنه لا ذنب لهم بالرغم من أنه لا يوجد لدينا طعام للإفطار او السحور ولا اعلم اذا كنا سنعثر على شىء”.

وأضافت السيدة التي نزحت مع عائلتها إلى رفح قبل ثلاثة أشهر “بعدما قصفوا بيتنا وعانينا كثيرا”، أنه “ليس بوسعنا أن نفرح بقدوم رمضان. لدينا شهداء وجرحى قلوبنا تحرق عليهم وأهلنا بعيدون”، معبرة عن أملها في أن يأتي رمضان “ونحن بخير وسلامة”.

وتابعت “نطهو الطعام على نار موقد حطب ولا يوجد ادوات للطبخ كل شيء ثمنه غالي ولا يوجد لدينا مزاج لنستقبل رمضان مثل السابق”.

ويوافقها زوجها ياسر ريحان (26 عاما) الرأي قائلا “سيأتي رمضان ونحن في حرب وقهر ومجاعة ولا يوجد طعام او شراب ونعاني اليوم من كل شيء”.

“أدنى مقومات الحياة”
وأمام تدهور الوضع الإنساني الكارثي حذّرت الأمم المتحدة من مجاعة “شبه حتمية” تهدّد 2,2 مليون من أصل 2,4 مليون شخص عدد سكان القطاع الذي تصله مساعدات شحيحة جدا مقارنة بالاحتياجات الهائلة، ما دفع بعض الدول إلى إلقاء مساعدات إنسانية من الجو.

لا شيء يضاهي الدمار والحرمان في غزة حيث الأحياء مدمرة والأطفال يتضورون جوعاً والمقابر الجماعية محفورة في الرمال. لكن القطاع المحاصر ليس المكان الوحيد في العالم الإسلامي الذي تضرر بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ففي الأردن تشهد الأسواق عادة ازدحاما قبيل رمضان لكنها تبدو هذا العام هادئة بشكل عام بينما لم تظهر في شوارع عمان حتى الآن أي استعدادات لإستقبال رمضان مثل الخيام الرمضانية وزينة المنازل وغيرها.

قال سيف الهنداوي (44 عاما) الموظف في شركة صرافة والأب لخمسة أطفال خلال تسوقه في احد المحال التجارية في عمان لوكالة فرانس برس “عادة نشعر بفرح بقدوم الشهر الفضيل لكننا الآن نشتري بعض الأشياء ونشعر بالحزن لما يجري في غزة”.

وأضاف “هناك ارتفاع اسعار في الاردن.. كل شىء متوفر في الاسواق أما في غزة فهناك ارتفاع أسعار والطعام غير متوفر”، مشيرا إلى أن سكان القطاع “طحنوا علف الحيوانات ليأكلوا الخبز”.

وتابع “نفكر فيهم ففي هذا الشهر الفضيل.. لا يملكون أدنى مقومات الحياة”، مؤكدا أن “رمضان هذا العام سيقتصر على أداء الفرائض والجانب الديني والدعاء لأهلنا في غزة بالنصر”.

اتساع رقعة الحرب
وبدأ النزاع بعد هجوم شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول وأسفر عن مقتل 1160 شخصاً معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.

وخطفت حماس أثناء الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا محتجزين في قطاع غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم لقوا حتفهم.

وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس. وهي تشنّ عمليات قصف مكثفة وهجوما بريا وبحريا وجويا على القطاع أدى الى مقتل 30878 شخصا غالبيتهم من المدنيين، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

ومنذ اندلاع الحرب، يخشى قادة في المنطقة من أن يمتد النزاع إلى دول أخرى في الشرق الأوسط.

فقد أدت الضربات شبه اليومية التي يسقط فيها قتلى، بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله المدعوم من إيران إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين في جنوب لبنان.

بين هؤلاء المعلمة اللبنانية المتقاعدة مريم عواضة (68 عاما) التي تحدثت لفرانس برس “عن المعاناة التي نتكبدها جراء النزوح القسري” بسبب “تعرض بلدتي لغارات وقصف يومي”.

وأضافت من مدرسة تحولت إلى ملجأ في مدينة صور”أرى انني غير قادرة على الصوم في رمضان”. وأضافت “أحوالي النفسية والجسدية والصعوبات التي نواجهها من الناحية المعيشية والمادية.. هذه الاوضاع الصعبة لن تمكنني من الصوم في ظل هذه الظروف”.

في اليمن، يطلق المتمردون الحوثيون في اليمن المدعومين من إيران صواريخ على السفن المرتبطة بإسرائيل منذ تشرين الثاني، في خطوة تهدف إلى تأكيد تضامنهم مع الفلسطينيين، على حد قولهم.

لكن هذه الخطوة أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية داخل اليمن الناجمة عن الحرب الأهلية التي دامت نحو عقد في البلاد.

فقبل شهر رمضان استهدفت ضربات أميركية انتقامية مدينة الحديدة الساحلية.

وقال سكان في المدينة إن الشركات مترددة في فتح أبوابها لأن كثيرين يخشون الخروج.

ويؤكد محمد علي (28 عاما) صاحب مطعم “فتحنا المطعم قبل خمسة اشهر تقرييا. كان العمل ممتازا وفي اسوأ الأحوال كنت اتمكن من تسديد التزاماتي بدون أي خسارة وإن كان الربح قليلا”. وتابع “منذ أن بدأت الضربات الجوية انهار العمل بشكل مفاجىء وخف الطلب وبات لدى الناس مخاوف”.

وأكد نه “إذا استمر الوضع شهريين اضافيين فسيكون اغلاق المطعم خيارنا الوحيد”.

أما في بغداد حيث الأوضاع المادية صعبة أساسا، فقد تمنّى محمد العبيدي (48 عاماً) في شارع الكرادة المزدحم أن تتوقف الحرب. وقال “يجب يجتمعوا لوقف الحرب في رمضان، لا بدّ من هدنة على الاقلّ في رمضان”.

“متعبون ومنهكون”
ليس بعيدا عن غزة يشعر المسلمون في القدس الشرقية المحتلة بالقلق من العنف في باحات المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي شهد خلال رمضان في سنوات ماضية عادة مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وإسرائيليين.

وفي شباط الماضي، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير إنه”لا ينبغي السماح” للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بالدخول إلى القدس خلال رمضان. لكن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أكد الثلاثاء أنه سيتم السماح للمصلين بدخول المسجد “بأعداد مماثلة” للسنوات الماضية.

لكن ذلك لم يساعد كثيرًا في تهدئة مخاوف أحلام شاهين (32 عامًا) التي تعمل في مركز مجتمعي على بعد بضع مئات من الأمتار من المسجد الأقصى. وعندما اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المسجد في 2021، رأت شاهين نساء يصلين بجانبها يُصبن بالرصاص المطاطي.

وهي تخشى أن يحدث الشيء نفسه مرة أخرى. وقالت “نعيش الحرب منذ خمسة أشهر”. واضافت “نحن متعبون ومنهكون”.

وفي القاهرة أكثر المدن احتفالا خلال رمضان، قالت طالبة من غزة طالبة عدم كشف هويتها لفرانس برس “لأول مرة في حياتي لا أطيق فيها فكرة رمضان، واشعر بالاذى الشديد كلما رايت فانوسا أو زينة”.

وأضافت أن “إخوتي لا يجدوا أكل ولو لمرة واحدة في اليوم ونحن من المفروض أن نصوم ونتسحر (بشكل عادي) عادي؟”.

وبالعودة إلى رفح، قال أحمد شلبي بائع الفوانيس اول ما بدأت في المشروع كنت على حياء وخجل بسبب مايحدث لنامن تدمير وتهجير وشهداء”.

وأضاف “لكنني سأستمر في العامل اننا نحاول أن نريح أنفسنا من الضغط النفسي ونفرح أنفسنا بأبسط الأشياء”.