أمن وقضاء
الأربعاء ٢١ شباط ٢٠١٨ - 13:30

المصدر: صوت لبنان

“مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني:لدعم الاستقرار والتنمية في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط

“مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني”مؤتمره الإقليمي الثامن أمس(الثلاثاء)في فندق مونرو،تحت عنوان: “دعم الاستقرار والتنمية في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط”، في حضور ممثل قائد الجيش عضو المجلس العسكري، اللواء الركن جورج شريم، وشخصيات دبلوماسية وأمنية وقنصلية وعسكرية وممثلين عن المنظمات الدولية العاملة في لبنان.

وقال مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني العميد الركن فادي ابي فرّاج في الجلسة الافتتاحية: “إنّ أهمية التنمية تبرز في الحفاظ على تماسك المجتمعات والأوطان، وكلما واكبت هذه التنمية متطلبات العصر وحاجات المواطنين، كان الاستقرار بمفهومه الشامل أكثر ديمومة وقدرة على مواجهة المصاعب والمتغيرات”.

وأوضح أنّ “هذا المؤتمر الذي يستمر حتى يوم الجمعة، يشارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين والدبلوماسيين والإعلاميين والعسكريين من لبنان و20 دولة عربية وصديقة، وتتوزع جلساته الحوارية على ثلاث مجموعات هي: “التعايش السلمي والتنمية المجتمعية، استراتيجيات التنمية الاقتصادية، وأنظمة الحكم ومستقبل المسار الديموقراطي في المنطقة”، أملاً أن يخلص المشاركون في نهاية المؤتمر إلى “تقديم توصيات، نابعة من معرفته وخبرتهم الواسعة، وتكون قابلة للتطبيق في مجال بناء اسس التنمية المستدامة”.

من جهته، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة: “إنّ الاستثمار في القطاع الخاص ودعم نشاطاته هو المفتاح الأهم لتحفيز عملية النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة، لما في ذلك من تأثير إيجابي على مستوى الإنتاجية وخلق فرص العمل والحد من الفقر”، مُشدداً على أنّ “وجود سياسات إقتصادية ملائمة تؤمن بالشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، وبالتنافسية ليكون النمو عملية مستدامة، من شأنها تأمين الاستقرار المالي والاجتماعي”.

وأضاف: “إنّ الشراكة بين القطاع العام والخاص ستؤدي إلى تطوير البنى التحتية من دون إرهاق الدولة بديون إضافية وبالتالي من دون العودة الى زيادة حجم الدين العام الى الناتج المحلي”، لكن ذلك سيبقى متعذراً “إن لم يتم التنسيق بشكل متكامل بين الوزارات والادارات المعنية ووجود ورؤية موحّدة لمستقبل لبنان الاقتصادي لكي ينتج عن ذلك قوانين تحفّز القطاع الخاص على الاستثمار”.

وختم سلامة قائلاً: “سيحافظ مصرف لبنان على أهدافه: ليرة مستقرة، فوائد مستقرة، قطاعا مصرفيا يتمتع بسيولة مرتفعة ودعم مدروس لملاءة الدولة، مستعملا كل الوسائل المناسبة لتحقيق ذلك.هكذا تؤمن السياسة النقدية المناخ المؤاتي للاستثمار، شرط الاستقرار السياسي والأمني”.

بدورها، قالت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن: “إنّ عدم الاستقرار بات العرف السائد في المنطقة في العقد الاخير، وأنّ الاتحاد الاوروبي يرى تلازماً بين مساري التنمية والاستقرار، وهذا ما خصلنا اليه في استراتيجية الاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية في عام 2016”.

وأشارت الى أنّ الاتحاد الاوروبي يعتبر “أنّ الامن لا يمكن مقاربته من دون الاستثمار الواسع في منع النزاعات ومعالجة الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار، مع تحفيز النمو، وإيجاد فرص عمل”، مُوضحةً انّ “الاتحاد يُدرك أنّ لا امن مستدام في الاتحاد الاوروبي من دون سلام في دول الجوار”.

وذكّرت لاسن بأنّ “الاتحاد الاوروبي وقبل الازمة السورية وقّع اتفاقية الشراكة مع لبنان في 2006، وقد قرر تعزيز تعاونه مع لبنان في اربعة مجالات وهي الامن ومواجهة الإرهاب، والحوكمة وسيادة القانون، والنمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، والهجرة”.

ولفتت لاسن إلى أنّ “تحقيق تقدم في هذه المجالات الاربعة يساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في لبنان، وهذا سيكون محور المؤتمرات الثلاثة المرتقبة في باريس وروما وبروكسل”، مشددةً على أنّ “تجديد الحكومة اللبنانية الالتزام بسياسة النأي بالنفس من شانه تعزيز الاستقرار في منطقة تغرق بالصراعات”.

وتابعت: “نتطلّع الى المخطط التوجيهي للاستثمارات الذي ستقدمه الحكومة في مؤتمر باريس، وأجدد التأكيد أنّ الاتحاد الاوروبي كان سبّاقاً في مساندة لبنان وكل دول الجوار التي استضافت اللاجئين ولم يغفل النازحين داخل سوريا ، ولكن وحده الحل السياسي يمكن ان ينهي المأساة في سوريا”.

من جهته، ركّز وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين التنفيذي للجنة الاقتصاديةوالاجتماعية لغربي آسيا(الاسكوا) الدكتور محمد علي الحكيم في مداخلته على الأبعاد المتداخلة للاستقرار والتنمية، مُنطلقاً من خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ، كإطار لتحقيق التنمية والاستقرار وتعزيز المسار الديمقراطي، مُشدداً على التعايش السلمي مدخلاً لتحقيق التنمية المجتمعية التي تشكل أساس التنمية الاقتصادية المستدامة.

وقال الحكيم:”إنّ التحديات الماثلة امام تنفيذ خطة 2030 في الدول العربية تتمثل في تراجع دور الدبلوماسية المتعددة الاطراف في حل النزاعات، وتصاعد نفوذ التيارات الانعزالية المتطرفة والاصولية في بلدان الشمال والجنوب، وتأثير النزاعات المسلحة وحالات عدم الاستقرار في الدول العربية وعمليات مكافحة الارهاب على عملية التنمية”.

وأضاف الحكيم:”إنّ “الإسكوا” تقترح لمعالجة تحديات الامن والسلام والتحول السياسي والمؤسساتي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، تعزيز قدرة الدول الاعضاء على معالجة الاسباب الجذرية للنزاعات وتحليل اثرها على التنمية، والتخفيف من تداعياتها الجانبية وتطوير نهج وطنية وإقليمية للتصدي لاثارها غير المباشرة والطويلة الامد، وتسهيل قيام منابر حوار تقنية دائمة وطنية وإقليمية تجمع الشركاء في التنمية لدعم عملية بناء السلام بعد النزاع، وتعزيز القدرات الوطنية والاقليمية للتخفيف من آثار الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني”.

الى ذلك، أكّد المنسق المقيم لأنشطة الامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني انّه مع دخول الازمة السورية عامها الثامن، “لا يزال لبنان في طليعة الدول المتأثرة بالأزمة السورية، وهو ما يعوّق النمو الاقتصادي ومسارات التنمية”.

واعتبر أنّ “هدف المؤتمر التركيز على الترابط بين التنمية والاستقرار، وهو اهر مشابه لمقاربة الأمم المتحدة لبنان والتي تقوم على ثلاثة ركائز ، السلام والامن، الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية – الاجتماعية”.

وقال لازاريني: “صحيح أنّه منذ بدء الأزمة السورية تلقى لبنان مساعدات إنسانية بقيمة 6 مليار دولار لمساعدته للتعامل مع آثار الازمة، ولتحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي، وقد استفاد من هذه المساعدات اللاجئون السوريون والمجتمعات المضيفة على حد سواء، ولكن هذا الدعم السخي لم يكن كافياً لتلبية كافة الحاجات ولم يمنع من ازدياد مظاهر الهشاشة والضعف في لبنان. فالتوتر بين المجتمعات المضيفة والنازحين يتصاعد وحتى بين داخل المجتمعات نفسها، في ظل المنافسة الحادة على فرص العمل في الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية “.

وختم لازاريني قائلاً: “لقد وصلنا الى نتيجة مفادها بأنّ التدخل الإنساني لا يكفي وحده لقلب الموجة، بل يجب ان يتكامل مع الجهود لتحقيق التنمية وبناء السلام. نحتاج ان نعمل معاً من اجل وقف الانحدار الاقتصادي بالاستثمار في قطاعات انتاجية رئيسية وتحديث البنى التحتية للبنان، وتشجيع الاصلاحات البنيوية الرئيسية”.

من جهته، أكّد المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي، الدكتور ساروجكومارجا، “عدم امكانية تحقيق تنمية من دون استقرار والعكس صحيح، بدليل أن ملياري شخص يعيشون في بلدان تشهد فيها التنمية ركوداً بسبب الهشاشة والنزاعات والعنف”، متوقعاُ أن تبلغ نسبة فقراء العالم الذين يعيشون في ظروف غير مستقرة او في اوضاع متضررة من الصراعات نحو 46 في المئة “.

وقال كومارجا: “نحن في حاجة الى الامن، وهنا تلقى مسؤولية كبيرة على اكتاف جيوشنا، والامن هو المسؤول عن صون التنمية. فإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل الاقتصادية والسياسية والامنية التي تعيق التنمية وتوقع الدول الضعيفة في فخ العنف يحتاج الى تعزيز دور المؤسسات الوطنية ، الجيوش بصورة خاصة ، وتحسين الحوكمة من خلال اعطاء الاولوية لمصالح مواطنينا”.

في الختام جرت مناقشة عامة، أدارها العميد الركن أبي فراج، الذي قدم دروعاً تذكارية للمتحدثين في الجلسة الافتتاحية.

ومن المقرر أن يواصل المؤتمر الإقليمي الثامن جلساته النقاشية حتى يوم الجمعة، حيث سيتمّ الإعلان عن التوصيات التي سيخلص اليها المؤتمرون في مجال بناء أسس التنمية المستدامة.