صلاح سلام

الخميس ١٦ تموز ٢٠٢٠ - 08:56

المصدر: صوت لبنان

أهل الحكم لا بصر ولا بصيرة..

بين البصر والبصيرة ثمّة فوارق لا تُعد ولا تُحصى. البصر لا يرى أبعد من منظور العين المجردة، فيما البصيرة تذهب بعيداً في توقع المشارف وتجنب المخاطر، والإحاطة بالأمر من مختلف الجوانب.

البصر يُخدع أحياناً بأوهام الأهداف وسراب الانتصارات المزيفة، والبصيرة تُدرك جيداً التمييز بين الحقيقة والسراب، وبين الواقع والخيال.

البصر من الحواس الخمس التي تتمتع بها الطبيعة البشرية، والبصيرة هي أساس التميّز والريادة في القيادة التي تنفرد بها بعض النخب الإنسانية.

في لبنان، أحوج ما نكون اليوم إلى قيادات من أصحاب البصيرة والتميّز في إدارة شؤون البلاد والعباد في هذه المرحلة الصعبة والحرجة، التي تتطلب رؤية، وتبصراً وريادة في وضع الاستراتيجيات، وتميّزاً في الإقدام على اتخاذ القرارات الشجاعة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

كل ما يجري اليوم من تعثّر وتخبّط في التعاطي مع حلقة الأزمات التي تُمسك بخناق البلد، يدل على أن أبصار أهل الحكم ما زالت مخدوعة بسراب الإنجازات الوهمية، بنسبة ٩٧ بالمئة، وأن الانحدار المستمر في كافة الأوضاع المالية والنقدية والمعيشية، لم يُقنع أصحاب القرار بأن ثمة خلل في الأداء، يزيد الأمور تفاقماً، ويُضاعف الأكلاف الباهظة لعمليات الإصلاح والإنقاذ.

هل يُعقل أن يغيب عن أبصار الحكم حجم الانهيار الحاصل في قيمة الليرة مقابل الدولار، الذي ارتفع بسرعة صاروخية من ألفي ليرة إلى العشرة آلاف في غضون خمسة أشهر؟

والكهرباء، التي تحوَّلت إلى أحد أبرز عناوين الهدر والفساد، وصلت إلى الحضيض في الأيام الأخيرة، حيث اقتصرت ساعات التغذية على ساعتين في مناطق، وأربع ساعات في مناطق أخرى، من دون خجل أو حياء لأي مسؤول!

والتعثر الحاصل في مفاوضات صندوق النقد الدولي ألا يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وخطة واقعية، لوقف تضييع الوقت في محادثات جوفاء، والوصول إلى النتائج المنشودة؟

تُرى متى يترك أهل الحكم لأصحاب البصيرة مسؤولية الإمساك بدفة الإنقاذ، والاعتراف بالفارق الكبير بين السراب والإنجاز؟

أخشى ما نخشاه أن يكون أهل الحكم يفتقدون البصر والبصيرة..

aray

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها