حسان القطب

السبت ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 08:09

المصدر: المركز اللبناني للابحاث والاستشارات

إيران بين خيارين احلاهما مر…..!!!

اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة، قرب طهران، وضع ايران امام خيارات صعبة…. هذا الاغتيال لم يكن الاول ويبدو انه لن يكون الاخير…فقد سبق اغتيال هذا العالم الايراني اغتيال عدد من العلماء الايرانيين الناشطين في ميدان الطاقة النووية، على امتداد السنوات العشر الماضية، كما تم اغتيال قائد فيلق القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني قبل عام تقريباً الى جانب عدد من مساعديه ومسؤول الحشد الشعبي في العراق ابو مهدي المهندس، اضافةً الى عشرات الغارات الاسرائيلية المعلنة وتلك المجهولة التي تستهدف القوات الايرانية والميليشيات المؤيدة لها وميليشيات حزب الله في سوريا…

الرد الايراني الاولي والمباشر على عملية الاغتيال الاخيرة الى جانب التصريحات الغاضبة والمهددة بالانتقام ممن ارتكب الجريمة والتي صدرت عن قلدة ايران سواء منهم السياسيين او العسكريين، كانت رسالة الى الامم المتحدة … إذ قالت إيران في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي إنها ترى “مؤشرات خطيرة عن ضلوع إسرائيل” في اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده وأنها تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها. وقال مندوب إيران في الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي في الرسالة التي نقلتها وكالة “رويترز”: “إن إيران تحتفظ بحقوقها في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن شعبها وتأمين مصالحه، وتحذر من أي إجراءات أميركية وإسرائيلية متهورة ضد بلادي خاصة خلال الفترة المتبقية للإدارة الأميركية الحالية”. وقالت الرسالة إن إيران تتوقع من الأمين العام ومجلس الأمن التنديد بقوة بعملية الاغتيال و”اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد الضالعين فيها”….

والرد المباشر من لبنان، كان التالي… قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع تلفزيون المنار، اليوم الجمعة، إن الرد على اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده بيد إيران….؟؟؟ واضاف الشيخ قاسم… حزب الله جاهز دائمًا لأي مواجهة و”اسرائيل” تعرف جيدًا أن أي خطوة من قبلها لها عواقبها الكبيرة…. وعزّى ايران باستشهاد فخري زاده قائلاً: نحن لا تهزّنا الاغتيالات..؟؟؟

بإمكان ايران تجاهل الغارات الاسرائيلية على قواعدها وجنودها وميليشياتها في سوريا، وعدم الاعلان عنها او الاعتراف بها، وحتى تجاوز حجم خسائرها طالما ان لا صورة واضحة ولا تغطية اعلامية لما يجري في سوريا ولا معرفة حقيقية بطبيعة الغارات وحجم الخسائر….؟؟ ولكن عملية الاغتيال هذه كما تلك التي سبقتها وعلى مستويات مختلفة… ومع التغطية الاعلامية التي رافقتها والتصريحات العلنية التي تم اطلاقها، واتهام اسرائيل بالقيام بعملية الاغتيال خاصة وان نتينياهو كان قد سبق له ان اعلن عن اسم العالم الايراني المغدور في مؤتمر صحافي له قبل سنتين تقريباً وتمت اعادة نشر اجزاء من هذا المؤتمر الصحافي مما يجعل اسرائيل ليس مشتبهاً بها بل متهمة بارتكاب عملية الاغتيال هذه…الى جانب ان العالم الايراني كان على لائحة العقوبات الاميركية قبل سنوات…

ماذا يمكن لايران ان تفعل ….؟؟؟

ايران امام خيارين احلاهما مر…

  • تدرك ايران ان الرد على عملية الاغتيال وضرب مصالح اميركية او اسرائيلية مباشرةً او عبر اداوتها في المنطقة سوف تؤدي الى اندلاع حربٍ واسعة النطاق لن تخرج منها ايران منتصرة ابداً وقد تؤدي الى خسارة ايران لكافة المكتسبات التي حققتها في المنطقة طوال عقود من الاستثمار في بناء الميليشيات وتسليحها وتدريبها وادارة عملياتها… وهذا نظراً للاستعدادت الواسعة النطاق التي نشهدها في المنطقة من مختلف القوى الاقليمية والدولية..كما ان كافة المؤشرات تفيد بأن الرئيس الاميركي ترامب والذي يستعد للمغادرة بعد حوالي الشهرين قد يقدم على خطوة تصعيدية واسعة النطاق… وكان سبق لايران ان ارسلت قائد فيلق القدس الى بغداد للطلب من ميليشيات الحشد الشعبي بعدم التصعيد او الاستهدف للمواقع الاميركية في العراق، حتى لا يكون هناك مبرر لدى الادارة الاميركية المغادرة لشن حربٍ على ايران او على حلفائها…
  • الخيار الآخر هو تجاهل هذا الاغتيال كما جرى في مناسبات سابقة باستثناء القصف الايراني على قاعدة اميركية في العراق، عقب اغتيال سليماني والتي تبين انها كانت مبرمجة بحيث تحفظ ايران ماء الوجه ولا يسقط للولايات المتحدة قتلى من جنودها…ولكن هذا الخيار قد يجعل ايران في موقع الضعيف والعاجزة عن رد الصاع صاعين كما كانت تكرر وتقول سياسياً واعلامياً مباشرة على لسان مسؤوليها او على لسان حلفائها.. كما يؤكد عدم الرد ان محور ايران الذي يقول لجمهوره بأنه انتصر في المنطقة وان الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائها الاقليميين قد خسروا المواجهة معها… كلام ليس في مكانه وغير صحيح بدليل عدم قدرة ايران على الرد او توجيه ضربة عسكرية موجعة…. تهز التحالف المعادي لها…

في الخلاصة يمكن القول ان عدم الرد سوف يفقد حلفاء ايران وجمهورها ومؤيديها ومن يدور في فلكها في المنطقة الثقة بقادة ايران وبمواقفها التصعيدية، كذلك في قدرة ايران على خوض مواجهة عسكرية مباشرة مع من يستهدفها مباشرةً وفي قلب العاصمة طهران… وان الحديث عن قدرات وامكانات لا مثيل لها واستعدادت للمواجهة ستفاجيء اعداء ايران هي مجرد بالونات اعلامية لا اكثر والهدف منها رفع معنويات جمهور المؤيدين…واذا كان تجاهل الغارات في سوريا رغم ان عددها كبير، كما ان ايران يمكنها القول ان من يسقط فيها هم من انصارها وحلفائها وليس من الايرانيين كما ان الاستهداف ليس على اراضيها… فكيف وقد تم الاغتيال في وسط العاصمة طهران واستهدف احد اهم العاملين في قطاع التطوير النووي….

لذلك علينا الانتظار ومتابعة الرد الايراني المفترض والمتوقع كما قال اكثر من مسؤول ايراني رسمي…هل سيكون الرد سياسياً ودبلوماسياً كما تؤشر البدايات مع توجيه رسالة الى الامم المتحدة… ام ان ايران وفي محاولةٍ منها لاستيعاب هذه الضربة المؤلمة وتداعياتها وكالعادة سوف تطلب من بعض ادواتها القيام بحركة استعراضية بضرب مصالح عربية او اغتيال شخصية سياسية في بلدٍ ما… !! وربما الطلب من بعض الفصائل المؤيدة لها اطلاق بضعة صواريخ على فلسطين المحتلة لاشعال فتيل مواجهة محدودة ولكن تشغل العالم العربي والدولي في معالجتها…!! واذا ما تم هذا هل سيمر هذا السلوك مرور الكرام ام انه سوف يكون مبرراً لاطلاق حربٍ طاحنة تغير واقع المنطقة والمعادلات الحالية…؟؟؟

من هنا يمكن القول ان ايران بين خيارين احلاهما مر… إما مواجهة حرب مدمرة او خسارة ثقة جمهورها ومؤيديها نتيجة ضعف ردها وموقفها ….

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها