داني حداد

الثلاثاء ٢٦ كانون الأول ٢٠١٧ - 09:18

المصدر: MTV

الشيخ الصغير المعارض

قرأتُ مرّةً أنّ “الصديق هو الذي يعرف كيف يقول الأشياء المريرة”. اختار سامي الجميّل، وفُرض عليه ربما، دور المعارضة فاختار أن يؤدّيه الى أقصى الحدود. وهو، منذ ذلك الحين، لا ينفكّ يقول الأشياء المريرة ويبلغنا بأنّ الوطن ينزلق نحو الانهيار، وبأنّ الفساد لا يوفّر بيتاً رسميّاً، ولا وزيراً ممّن يصنّفون في خانة السلطة، ولا مشروعاً عامّاً، من بواخر الطاقة الى النفط الموعود الذي يخشى البعض أن يكون نعمةً على قلّة ونقمةً على البلد.

لم يكن لبنان، على الأرجح، في أيّ يومٍ أفضل ممّا هو عليه اليوم. كان البلد دائماً بلد حصص ومحوسبيّات وأزلام. ولم يكن يوماً، في السياسة اللبنانيّة، رأس الحكمة مخافة الله، بل مخافة الابتعاد عن السلطة، حيث المنّ والسلوى والصفقات والتوظيف العشوائي…

ولم يكن حزب الكتائب يوماً إلا جزءاً من هذه التركيبة. هو حزب سلطة أو، كما كان يسمّيه البعض، “حزب الدولة”. ولكن، يُسجّل لسامي الجميّل جرأته في البحث عن دورٍ آخر والإقدام عليه، محاطاً ببعض الحكماء وبكثير من الشباب المتحمّسين لهذا الشاب وأفكاره وشخصيّته.

حين قُتِل بيار الجميّل، ظنّ كثيرون، ومنهم القاتل ربما، أنّ بداية نهاية “الكتائب” اقتربت. ثمّ دخل “الشيخ سامي” على الخط، وسريعاً حرق المراحل من موقع المؤثّر في الحزب الى النائب ثمّ الرئيس. أصغر رئيس لأعرق حزبٍ لبنانيّ. وما هي إلا فترة قصيرة حتى أصبح سامي الجميّل مزعجاً. إن هو ممثَّل في الحكومة مزعج، وخارجها يزداد إزعاجاً. وفي مجلس النواب يأبى أن يسهّل الأمور، فيستفيض في الانتقاد ويقول من على المنبر الكثير ممّا يقوله الناس في بيوتهم، لكنّ بعض النوّاب في نومٍ طال، وبعض المتألّمين من الشعب اعتادوا الصورة “الغنميّة”. شعبٌ ينتخب معذّبيه. يشتمهم السبت، ثمّ ينتخبهم الأحد ليعود فيشتمهم الإثنين.

قد يصحّ القول إذاً: على من تقرأ مزاميرك يا سامي الجميّل؟ فالضرائب سلكت طريقها، ونحن وأنت ندفعها، وبعض المدارس عيّدت الأهل بزيادة على الأقساط…
وقد يقول قائلٌ هنا: اعتمد الجميّل، ومعه حزب الكتائب، الأسلوب الشعبويّ والانتخابات قريبة والمعارك قاسية، خصوصاً أنّ من هم على لائحة المستعدّين للتحالف معه ليسوا كثراً. لعلّ هذا الكلام صائب، ولكن أيّ فريقٍ سياسيّ لبناني لم يعتمد هذا الأسلوب، خصوصاً حين كان يوماً ما في المعارضة، لا بل أنّ البعض اعتمدوه وهم في السلطة فنهلوا من مغانمها وغسلوا أياديهم من آثامها.
مهما يكن، فإنّ الأنظار ستكون، في استحقاق ٢٠١٨ النيابي، على سامي الجميّل الذي كان في العام ٢٠١٧ “نجماً” في السياسة وسيبقى حتماً، في العام ٢٠١٨، صاحب السعادة. ولكن ماذا عن الحزب؟ وعن سعادة الوطن؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها