أنطوان صفير

السبت ٢٨ آذار ٢٠٢٠ - 11:17

المصدر: صوت لبنان

العولمة البديلة

في زمن الحجر المنزلي، 

نعود الى ذواتنا، 

ونسترجع محطات تاريخ حياتنا،
ومسار الأقدمين من أهل وقادة على السواء.


وفي الأسبوع الماضي، 

ناقشت الموضوع على أنه علامةٌ من علامات الأزمنة،

واليوم نعود الى تلك العلامات المتعددة الجوانب والمرامي.

 

فالزمن في الكون اليوم هو، 

إنقطاعٌ،

وتقوقٌع، 

وترقبٌّ،

وخوفٌ مخيِّم،

هو زمن التلاقي مَعَ ما عاشه من سَبَقَنا من أهل لبنان ومنذ قديم الأيام ، 

إذ صارعوا الغزاة، 

ودحروا المحتلين، 

وقاوموا الأوبئة ، 

وصَنَّعوا حصانةً لهم في الجبال الوعرة، اذ حولوها الى جنائنَ غنَّاء.

إنقطعوا عن العالم فترات وفترات، 

ولم تفتك بهم مصائب وأمراض،

بل إعتصموا بحبل الرجاء والإيمان. 

وهذه دعوةٌ الى كلٍّ مِنّا، 

كي يدرك وعن حق،

أنَّ العلم وحده لا يكفي لإستنباط كل الحلول. 

والفكر بذاته لا يستطيع إعطاء كل الأجوبة.

والمال في كل أحواله لا يمكنه بلسمة من جُرح،

وإعادة مَن غاب مِن أحباء، 

ولا تركيز ما سَقَطَ من قيم ، 

ولا إعادة الحياة الى إنسانية وعلوم إنسانية،

هي التي تجمع الأنسان بأخيه الأنسان دون حسابات الربح والربح المضاد.

وهذا ما لم نره مع المتلكئين من أصحاب الثروات وقوى النهب، 

دعما لقطاع الصحة بكل أطيافه،

وكأن الإنسانية قد ضاعت  معالمها، 

وهم عالمون في قرارة نفوسهم، 

أنَّ مصير من نهب مستقبل الوطن تحت سيف العدل وصرخات المواطنين. 

والعولمة الرأسمالية التي قبضت علينا طوال عقود وعقود، 

قد إهتزت بضربة قوية سميّت “كورونا” أدّت،

في عواصم القرار، Lockdown الى

واقفال لمدن السياحة 

وانكفاء في مراكز السياسة،

وانقطاع في مواقع المال، 

واقفال لمباني الفكر الإستراتيجي،

وأقعدت أهل الجامعات والمدارس حيث هم، 

وعطّلت دورة الحياة.

 

وها الإتحاد الأوروبي لم يكن قادراً على التكامل بين أغنيائه والأقل غنىً من بين دوله،

إذ تساوت مع الوباء كل القدرات، وتعطّلت كل المساعدات.

وهذا ما سيؤدي الى إعادة النظر بعد فترة .

امّا أميركا، فسترى نفسها بعد إنقضاء الأزمة في حلٍ من كل العظمة،

مدعوة على مستوى قادتها وشعبها لإعادة إستقراء الأحداث، 

وما حلَّ من مصائب ربما ستعصي كل الحلول في الأمد القريب.

أمّا في بلاد الأرز، وفي الأعداد لم تزل تحت السيطرة بنعمة الله،

والمواطنون خائفون ،

وبعد الكورونا، ستكون الأزمات الإقتصاديّة قد إشتدّت الى مستويات قياسية،

ولا تعود معها الحلول النصفية والتسووية قابلة للتطبيق،

بل المطلوب قرارات جذريّة وأولها إعادة الأموال المهربة بعد 17 تشرين الأول،

والعمل الجدّي غير الخطابي لإستعادة ما نُهِبَ من الثروات والأموال،

وإلاّ وللأسف، 

مجاعةٌ، وعوزٌ، وإنهيارٌ إجتماعيٌ مخيف. 

ولكن صلابة أهل لبنان لن تنكسرعلى مثال الآباء والاجداد، 

ومعها رفض شعبي لا ولن ينتهي.

وكما العولمة ستصبح قسراً أكثر إنسانية،

هكذا أهل لبنان هم أبناء الحياة….. ويستحقون الحياة

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها