عباس الحلبي

الأثنين ٣ شباط ٢٠٢٠ - 07:55

المصدر: صوت لبنان

الفردانية في نظامنا السياسي

إحدى أهم نقاط الضعف في نظامنا السياسي هي الفردانية أوالشخصانية. 

فالحكومة التي تألفت منذ أيام لا تزال منكبة على صياغةِ بيانها الوزاري التي ستواجه به المجلس النيابي وتطلب الثقة على أساسه. 

ولهذه الغاية، تعقد اللجنة المولجة بصياغة البيان الوزاري الإجتماع تلوَ الإجتماع وتستدعي ممثلين عن الهيئات الإقتصادية والمسؤولين الماليين والمصرفيين بغية التشاور معهم لكي تستنتج من هذه الإجتماعات جملة توصيات ومقترحات تضمنها البيان الوزاري وتشكّل خطة للإنقاذ. 

نسوق هذا الكلام لنقول أنه بين ليلة وضحاها يصبح الشخص أو الفرد رئيسا” للحكومة أو وزيرا” ويجد نفسه فورا” أمام ملفات وإستحقاقات وكَمّ هائل من المشاكل لم يعهدها من قبل في حياته المهنية أو السياسية فيواجه هذه الملفات مذهولا” وهو ليست لديه أي فكرة عن المعطيات التي يستطيع البناء عليها لتقديم مقترحات وإعداد إجراءات. بينما الأوضاع الإقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية والإجتماعية داهمة لا تنتظر.

نرى الحكومة متريّثة لأنها لَم تكوّن بعد الصورة التي تسمح لها بإتخاذ مثل هذه الإجراءات. 

هذا الشيء ينطبق على كل الحكومات وليس وقفا” على هذه الحكومة فقط. حتى الفصائل السياسية التي كانت تتسلّم الحكومات والرئاسات فكانت هي أيضا” تأتي خاوية الوفاض من أي تصوّر للحكم أو مشروع حل وبدون أي دراسة وهي المعششة بالسياسة وتطمح ليل نهار لتسلّم السلطة. 

لَم نرَ عندما إنتُخِبَ الرئيس الحالي أنه حاملٌ لمشروعٍ وطنيٍ للحكم ولم نرَ رئيس الحكومة على مرتين قبل هذه الحكومة أتى بأي مشروع حكم وكذلك أيٍ من المكونات السياسية التي تشكَّلَت منها الحكومتان بدليلٍ انه بالرغم من الأزمات المتراكمة والمؤشرات السلبية التي إبتدأت بالظهور منذ 2011 على الصعد الإقتصادية والمالية وأنبأت بالحال التي وصلت إليها البلاد وأصبحت جلية ظاهرة حتى لغير المبصرين سنة 2016 فلم يبادر أحد من المتربعين على كراسي الحكم من إستدراك الكارثة التي وقعت فيها البلاد حاليا”. 

هذا هو مأزق الحكم في لبنان لا رؤية للحكم بل مشاريع سلطوية للإمساك بالبلد وشعبه وخيراته وتسخيرها لمصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية وتوزيع المنافع على الأزلام والأتباع. 

من هنا المطالبة بتقصير ولاية المجلس النيابي لأنه ليس أهلا” للحكم ومن حق الناس أن تطالب بالتغيير.  

يبقى السؤالَ المطروح: هل ستتمكَّن الحكومة الحالية مِن العمل والإنجاز ضُمنَ المنظومة القائمة وإحداثِ التغيير المطلوب؟

يعوز البلاد حالياً إتخاذ إجراءات سريعة لِوَقفِ التدهور الجاري كل يوم نتيجةَ فقدانِ الثقة المطلقة بينَ الحكام والناس. وهذا ما يزيد في إحتقانِ الشارع عندما يرون بلادهم تتجه سريعا” نحو الإنهيار وفي وقت تقول الدراسات الرصينة الخالية من البَهورات والتحديات الإعلامية أن بالإمكان وقفه عن طريق تقرير إجراءات سريعة والبدء بمرحلةِ النهوض. 

لكن البلد لكي تستقيم أحواله يجب أن ينأى بنفسِهِ عن المحاور الإقليمية التي لم تأتِه خيرا” بل جعلته في موقع المواجهة مع المجتمعين العربي والدولي هذا فضلا” عن إنقسام اللبنانيين حوله وهو بِأَمَس الحاجة إلى مدّ يَدِ المساعدة إليه في محنته خصوصا” وقَد بدا مشهد البيت الأبيض منذ أيام غريبا” عجيبا” إذ يتبرَّع رئيس لا صفةَ له بتنازلات عن شعب لَم يحضر مَن يمثله إلى المحتل المعتدي الذي قضم القضية الفلسطينية منذ سبعة عقود.  

هَل سَتُوَفَّق الحكومة في أن تشَكِّلَ فريق عمل منسجما” لأخذ البلد إلى موقعِ التحييد مع الجميع لكي تعطى الفرصة للقيام بعملها وتاليا” للبلد بإلتقاط الأنفاس؟ أم أن رئيس الحكومة سيُترَك وحيدا” كما بدا في المجلس النيابي لدى إقرار الموازنة؟

هذا سؤالٌ بِرَسمِ الحكومةِ الجديدة وحلفائها!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها