الجمعة ٢٢ حزيران ٢٠١٨ - 09:46

المصدر: الصوت

اللبنانيون أيتامٌ لا أَبا لهم ولا أُُمّ في “دولة نوح زعيتر”

في عيد الأب يشعر اللبنانيون بأن لا دولة فوق رؤوسهم.

بأن وزير الداخلية في المفترضة دولة لبنانية لا يمون على موظف ما في مكان ما تحت وصايته. موظف قرر عدم ختم جوازات سفر الإيرانيين عند دخولهم  لبنان وخروجهم.

وبأن وزير الخارجية أيضاً لا يمون على السفير في إيران.

بأنّ أشباحاً مجهولين يحكمون هذه البلاد من وراء الحدود، ولُحاهُم طويلة وقصيرة.

بأنهم في موسم مونديال كرة القدم يتابعون تمريرات كرة المسؤولية بين المفترض أنهم حُكّام لبنان كلما فرضت فضيحة نفسها على شاشات الإعلام وفي الأخبار،

كي لا يعرف الناس مَن هو المسؤول عن الفضيحة وعن هذا البلد.

يشعر الناس العاديون بأنهم هُم بين الأقدام في لعبة لا حَكَم فيها ولا حُكم.

بأن الحُكّام هم نوح زعيتر وأمثاله ممن يضعون، ولا يضعون، ربطات عنق.

بأنهم رعايا في “دولة نوح زعيتر إند كومباني”.

في عيد الأب يشعر  اللبنانيون العامَّة بأنهم لا أبا لهم ولا أمّ .

بأنهم يتابعون أخبار ولي عهد غير كفؤ يتمرن في السياسة على طرق الغوغائية والإنتهازية والضحك عليهم في طريقه إلى رئاسة الجمهورية.

يشعرون بأنه سيصير يوماً عاجلاً أم آجلاً رئيساً لهذه الجمهورية، وبأن لا شيء سيتغيّر أو يُصلَح.

بأن السياسيين في هذه البلاد الملعونة ليسوا رجال دولة. وبأنهم هُم  المواطنون بأصابعهم المغمسة بالحِبر انتخبوا نماذج من هؤلاء السياسيين في كل دائرة انتخابية في لبنان.

وسواء تصالح هؤلاء السياسيون في ما بينهم وأعلنوا أنهم أخوة، أو نشر بعضهم غسيل بعضهم الآخر على السطوح، فمن أجل مصالحهم الشخصية، لا غير.

وبأن هؤلاء السياسيين استولى عليهم وذَهَبَ بعقولهم جنون العظمة وجنون السلطة. ليس بينهم من يقف عند كلمة. ليس ولا رجل مبدأ. وإذا قام بينهم من يُخالف فإنه يعرّض نفسه للدمار. يٌشيرون إليه بالأصابع:”إنتَ مين؟”.

وبأنهم مواطنون سيئو الحظ وُلدوا وعاشوا في مزرعة لا تنعم بسلم واستقرار إلا عندما يتفق رجال العصابات المتحكمون فيها على القسمة. وبعد الخضوع لرئيس العصابة الأكبر والأقوى بينهم.

يشعر اللبنانيون أيضاً بأن القيّمين هؤلاء على مصائرهم، حاضراً ومستقبلاً، خبراء في الكذب والمراوغة والهرب من الموضوع عندما يتعلّق الأمر بتحمل المسؤولية عن الأخطاء، بل الخطايا التي تُرتَكب في المزرعة.

وكل يوم فضيحة أكبر من التي سبقتها.

لا جدوى من طرح الأسئلة العميقة، على سبيل المثال لا الحصر:

مَن هَرّب الإرهابيين الذين قتلوا العسكريين الشهداء في جرود عرسال وأين صار التحقيق، ومَن هو المسؤول عن قتلهم أساساً؟

مَن هم الذين كانوا وراء محاولة تهريب البند 49 في قانون الموازنة العامة، والتي نصت على إعطاء إقامة دائمة في لبنان لمن يشتري شقة؟

مَن وضع مرسوم منح الجنسية اللبنانية، في نهاية الأمر، وضمّنه أسماء متورطين ومشبوهين ومرتكبين كبار في دول الجوار؟

مَن قرّر استثناء الإيرانيين من ختم جوازات سفرهم على غرار ما تفعل إسرائيل لمن يرغب في دخولها تسللاً؟ وما فائدة لبنان في التغطية على متسللين إليه؟

ولماذا يظهر حاكم المصرف المركزي على نحوٍ يومي على الشاشات ويقول للبنانيين “لا تخافوا” فيبعث الخوف في قلوبهم مما ينتظرهم؟

ولماذا يسمع اللبنانيون في هذه المرحلة همسات عن مساعٍ وأبحاث ودراسات في الكواليس لمد اليد إلى الاحتياط الذهبي، على أساس أن قرشك الأبيض ليومك الأسود، ونحن في عز يومنا الأسود؟

ولماذا لا يفتح أي من السياسيين فمه عندما يوزع حاكم المصرف المركزي، كل بضعة أشهر، وبقرار شخصي منه، مليارات الدولارات من المال العام على المصارف تحت مسمّى “الهندسة المالية”؟

ألِأنّ السياسيين في هذه المزرعة التي اسمها لبنان هم أنفسهم أصحاب المصارف أو مساهمون فيها؟

(للأمانة والتاريخ: وحده النائب جورج عدوان فتح فمه مرةً ومرتين إعتراضاً. عادوا وأسكتوه).

ومن يعرف لماذا جعلت وسائل الإعلام وصحافيون كثيرون حاكم المصرف المركزي أيقونة محوطة بهالة من القدسية، وكم تكلف صورة هذه الأيقونة في داخل المزرعة وخارجها وعلى حساب مَن؟

ولماذا أوقفوا القروض الإسكانية من أجل تشجيع الشباب اللبنانيين على شراء شقق ومساعدتهم، بينما كانوا يحاولون إغراء غير اللبنانيين بمنحهم بطاقات الإقامة الدائمة إذا اشتروا؟

لماذا لا أحد يُخبر اللبنانيين كيف تعرضت الأموال التي خُصصت للقروض الإسكانية سابقاً للشفط، ومَن شفطوها وكيف؟

ولماذا ينهار القطاع العقاري ويتهاوى تدريجاً أمام عيونهم ولا يفعلون شيئاً مفيداً على الإطلاق لإنقاذه، مع أنه يشكل 28 في المئة من الحركة الإقتصادية في البلاد؟

الصورة قاتمة لا شك، لكن ثمة بارقة أمل لا تلمع من الإتحاد الأوروبي:

165 مليون أورو جديدة لدعم لبنان.

يسخر منّا الأوروبيون؟ 165 مليون أورو في الدولة الأولى عالمياً بتجارة المخدرات وغسل الأموال لا تكفي رجلاً واحداً كي يرتقي إلى مرتبة الأثرياء فجأة ويصير بدوره من وجهاء قومه!

المواطنون في “دولة نوح زعيتر إند كومباني” (المقاوم نوح زعيتر) وزملائه في السياسة والحكم لا تمر عليهم الألاعيب. هل سمعتم النائب جميل السيّد يتهم ضباط الجيش وقوى الأمن بالتآمر على أبناء البقاع لإظهارهم خارجين على القانون؟ الرجل بدأ حياته عملياً ضابط مخابرات مسؤولاً عن تلك البقعة الخصبة بكل المعاني من لبنان ويعرف عما يحكي.

كل عمرها العشائر والقبائل في تلك البقعة من الأربعينيات والخمسينيات حتى الحرب والأمس القريب مضرب المَثَل في احترام الدولة والأنظمة والقوانين. اليوم جاء زعران لتشويه سمعتها بالتآمر مع ضباط في الجيش وقوى الأمن.  كلام إفترائي أن هناك مجموعة ثائرة في طائفة ثائرة نجحت في الإستيلاء على قرار البلد بتحالف وثيق إرتباطي بدولة أخرى ذات أطماع توسعية في المنطقة، وبتكلفة عالية من دم البنين وسائر اللبنانيين. وبسلاح وفير أيضاً. هذا كله غير صحيح والحق على الحكم والحكومة.

الحكومة؟ يكاد اللبنانيون ينسون أنها جاري تشكيلها على أيدي الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير فوق العادة جبران باسيل.

ولكن لماذا تبدو مطابقة تقريباً لحكومة تصريف الأعمال الحالية، الأشبه باجتماع رؤساء العائلات- العصابات في فيلم “العرّاب” الشهير؟

ملاحظة: ليس المقصود بهذه المقالة إنتقاد الأوضاع أبداً. إنتقادكم لا يُفيد. إنها شتيمة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها