الأربعاء ٢٥ تموز ٢٠١٨ - 08:49

المصدر: صوت لبنان

المثقف ومسؤولية بناء لبنان الغد!

أين هو المثقف اللبناني ؟؟؟

لماذا يختبئ من واجبه ودوره !؟؟؟؟

ينفتح هذا الكلامُ الأحمر، في ظلّ تمادي المثقفين في غيابهم و غيبوبتهم ، على قضايا ومحاور تطال مفهومَ الشخصية اللبنانية بعمقياتها ، وتتناول مواضيع ركيزيَّةً لصيقةً بالمثقف اللبناني ، الذي كان له دورٌ وحضورٌ وفعلٌ في نشأةِ هذا الوطن وتحصينه وتجميله ، بالنقد والتقويم وإبداءِ الرأي جهرا” وصلابةً والخَبْطِ على الطاولة عند الّلزوم…. أوْ بالانتقاد الجادّ والمعارضة ورفع الصوت ، والنزول الى الميدان غبَّ الطلب ..!

المشهديةُ القاتِمةُ اليومَ ، هي ان (المثقف المدني ) غائبٌ او مختبىءٌ من نفسه خجلا” ، لا خوفا” ولا وجلا” من أيْ غير , بل لأنه تقاعد وتقاعسَ و سلَّمَ ماضيهِ وحاضرَهُ و غَدَهُ ، للقابضينَ على الأمور بالقوَّة ، من دون أنْ يُجْهِدَ نفسه بالنهوض و محاولة الوعي من كبواتِ الحروب وعَثرَاتِ الأيام.. فَدارَ دولابُه عكسَ السير ، و تَعرْقلَتْ عقاربُ الزَّمن وضاعَ في متاهات ِ السياسةِ الإستهلاكيّةِ المقْبوضِ عليْها من الطارئينَ و القادرينَ والقَدَرِيّينَ…!!

.. نحن الآن، نُفَتِّشُ عن المثقف اللبناني فلا نجده..! نبحث عنه كمفقود ، ولا نَنْعيه كَفقيدٍ … إلَّا إذا صَمّمَ هوَ أن يندثِرَ بدلَ ادأن يستفيقَ وينتصر !

نحن هنا ، لنقولَ إن كيانيَّةَ لبنان هي من كيانيِّةِ المثقَّف -المفكر , والمثقف -الناقد, والمثقف – الفاعل , والمثقف -المسؤول ، والمثقف العالي الجبين الذي لا ينتظرُ أَمرَ مَهمَّةٍ من أَحَدٍ ، ليأخُذَ دورَه ، ويُبادرَ ويتَّخِذَ وَضْعِيَّةَ المُفكِّرِ التفاعليّ ، متى قرَّرَ هذا المثقفُ ان يَحٔضُرَ من جديد و يقول : ” أنا هنا ” , و ” سأستعيدُ وَعْييَ الآن ” ..!

نحن هنا ، لنحَرِّضَ المثقَّفَ الغائبَ ، على إستعادةِ دورِه ومكانتِه ، وأنْ يُسْهِمَ بإعادةِ بناءِ لبنانَ الذي نرجو أنْ يكون..!

(أديانُنا )…للمثقَّفِ فيها مكانٌ ، شرحا” وتنويرا” وتصويبا” ومنْعَا” من أخطارِ التحْريفِ والتأويلِ والتفسيراتِ الرماديّة..!

(طوائفنا) ، مذاهبنا ، احزابنا ، جماعاتنا …للمثقَّفِ فيها مكان ..لا أحدٌ يأخذُ مطرحَ أَحَدٍ..ولنْ يكونَ ولنْ نقبلَ لهذا المثقَّفِ ، متى قرَّرَ الحضورَ ، انْ يكونَ ضيفَ شَرفٍ أَوْ منَ الكماليَّات… فإمّا ان يعرِفَ هذا المثقَّفُ كَيْفَ يكونُ هو وَحْدَه مرتكزٓ البيكارِ في دوائرِ القرار،…وإمّا أن يبقى مرتاحا” في رُقادِهِ وسُباتِه الكَهْفِيّ ، ولا يعودُ الى الحياةِ من جديد..!

تعالوا نتأمل في مسيرةِ المثقف اللبناني ومساره قبلا”… نراقبُ نتذكَّرُ ، نستعرِضُ و نوازِنُ بينَ حالاتٍ أربع :

1 – في حالة السياسة؛ كان المثقف اللبناني قطبَ المعارضة الإصلاحيّة….!! اليومَ غابتْ ثقافةُ الإعتراضِةوالنَّقْدِ و (لَفْتِ النَّظَر).. وليس في ذلك ما تطمئِنُّ إليه الاجيالُ… مواطنو الغد..! إذا جاءَ هذا الغَدُ…!!

2 – في الصحافة والاعلام؛ أَقلامٌ جفَّتْ، و رِيَشٌ تكسَّرتْ، وحَناجرُ خَرسَتْ ومثقَّفون صنعوا بالأمس عماراتٍ فكريةً وخاضوا ميدانياتٍ نضاليةً وطنيةً وقوميةً وانسانية ..واليومَ همُ ليسوا هنا …ليسوا ..ليسوا…!!

حتى في جرائدنا ودورياتنا التي تتساقطُ اليومَ بالصَّفِ،… كانت الصفحاتُ الثقافيةُ منابرَ للرأْيّ النقديِّ الشريكِ ببناءِ الشخصيَّةِ الوطنيّةِ. اليومَ…و في ما تبقّى من أوراقٍ تُشْبِهُ الصحُفَ، لا نجِدُ ثقافةً ولا مثقّفين …بلْ ، كثَيرٌ من الصحاٌفيّين و قليلٌ من الصحافة !

3 – في الاجتماع والاقتصاد ؛ تغيبُ المشاركاتُ المتخصِّصةُ، ونفتقدُ الاستراتيجياتِ والتخطيطاتِ ، ونسلّمُ رِقابنا لديكتاتوريات رؤوسِ الأموالِ وسُلْطة المَحاَفِظِ المالية ،حيث أصبحَ الانسانُ رقماً والوطنُ مصرفِاً..! فيحضرُ النَدْبُ والنَّقُ والتأفُّفُ والتذمُّرُ.. والمثقفُ الغائبُ يَسٌتَلِذُّ أنْ يكونَ وهوَ باسمٌ ضحِيةً خرساءَ تضحكُ لسلّاخيها… أشكرهم و تصلّي لأنْ عُمْرُهمُ يطول ويطول…!!

4 – في القانون والتَشْريعِ وصَوْنِ الحَقّ ؛
هنا …قَلَّ المُشَرًِعونَ ، وكَثُرَ المشارعونَ و(الصٕوَّاتونَ)…والحقُ هنا على المواطن-المثقف المتقاعِسِ عن واجب الانتخاب.. والذي بغيابه وضعَ الصندوقةَ امامَ العازل.. وأَنْزَلَ فيها ورقَةً لا لوْنَ لها ولا مضمونَ فيها،ولا تأثيرَ لها…!

نحنُ اليوم، نكتبُ لنعلنَ لِلمثقّفِ اللبناني : ( أمْرَ اليوم ) ، وهوَ أَنْ يَسْتعيدَ عباءَةَ الأدب ويحملَ القلمَ ويتصَدَّرَ مجالسَ الفِكْرِ المُلتزِم الصَريحِ الانتماءِ والنهائيِّ الولاءِ للبنانَ الوطن بكيانيَّتِه التكامليّة ،التي ولَوْ هزَّتْها أحوالٌ وتدخُّلاتٌ.. فإنها تهتَزُّ ولنْ تَقَعَ …!!

نحنُ هنا لا لنَتَّهِمَ…ولا لندَّعي أننا من غيرنا ، أَنْبَهُ وأَفْهَمُ.. بل لنقولَ لمثقفي الوطن والمهجر والاغترابات ، إن لدينا مشروع هو أبعدُ من فكرة و شعار..!

مشروعُنا ، هو أن نستعيَد دورنا ونؤكِّدَ حضورنا الثقافي والفكري، كمُكَمِّلينَ للجماعاتِ والاحزابِ السياسيّةِ والقواعدِ الوطنيةِ… فنُسْهِمُ معا” بتَقْعيدِ ( مشروعنا – الفكرة ) وهو ان نعيدَ تأهيلَ او خلقَ او ترميمَ او تحفيزَ المثقّف ، ليحضُرَ ويفكّر ويتجرأ ويتفاعلَ ويكونَ لضميره ولجماعته وبيته كلمةَ حقّ مسؤولة.. ومتى كان المثقفُ لجماعته إبْنا” ( صَحّ ) كان لوطنه إِبنا” ( صَحّ ) …!

وفي زمن (سؤال الدولة ) نحنُ الآن خائفون خائفونَ جداً، إن لمْ يبادر المثقف الى النهوض والتفاعل … خائفونَ.. لا أن نبقى شهودا” على إنهيارِ كيانيتنا فقط.. بل نحنُ خائفون من أن نتَحَوَّلَ الى شواهِدَ في مقابرِ التاريخِ… تُتْلى عليها الفاتحات!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها