الخميس ٩ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 11:16

المصدر: النهار

“المستقبل” يدرس ترشيح السنيورة لرئاسة الحكومة

تخوض دوائر القرار في “تيار المستقبل” مناقشات مستفيضة، وتقلّب كل الاحتمالات الواردة في الأيام المقبلة لاتخاذ قرار تعلنه في أول استحقاق دستوري بعد استقالة الرئيس سعد الحريري ويأخذ في الاعتبار كل العوامل الدولية والإقليمية والداخلية المتشابكة في لبنان خلال هذه المرحلة.

الاستحقاق الدستوري الأول في الطريق إلى حكومة جديدة هو الاستشارات النيابية الملزمة دستوريا والتي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون لتكليف من تؤيده الغالبية بتشكيل الحكومة. وكان رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة سارع إلى إعلان أن الكتلة سوف ترشح الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة مجدداً، بينما سرت معلومات صحافية عن اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل السير برئاسة مدير مكتب رئيس الحكومة المستقيل نادر الحريري أو والدته النائبة بهية الحريري.

لكن رأياً آخر برز في الساعات الماضية في دوائر القرار داخل “التيار”، يدعو إلى ترشيح الرئيس السنيورة لتولي رئاسة الحكومة، وذلك على قاعدة أن الرئيس الحريري العائد خلال أيام إلى بيروت، سوف يكون في المرحلة المقبلة قائد المعارضة يجمع  كل أطرافها وطنياً، وإسلامياً سُنّياً أيضاً على أبواب الانتخابات، إذا سنحت الظروف المنذرة بالتفاقم خارجياً وداخلياً بحصولها. والمفضل في هذه الحال أن يتولى السنيورة تعقيدات مفاوضة الأحزاب والكتل على شروط تشكيل الحكومة، والحصص والمواقع إذا كانت حكومة سياسية . والأقرب إلى المنطق، أياً يكن اسم رئيسها، أن تكون حكومة تكنوقراط من غير الحزبيين لتتولى إدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية الفاصلة عن موعد الانتخابات. خصوصاً أن “حزب الله” لن يكون في وارد القبول بشروط مختلفة عن السابق والتي أمّنت غطاءً حكومياً لسلاحه، وإن بتفاوت في وضوح التعابير والصيغ بين حكومة وأخرى. وهذه لن تكون واردة في شروط تأليف الحكومة الجديدة، أقله في حسابات الوسط السياسي السُنّي الذي عاود الالتفاف حول توجهات “المستقبل” وعناوينها الرئيسية والمدعومة  من قيادة المملكة العربية السعودية، “الثوروية الواضحة والمقاتلة” إذا جاز التعبير، مقارنة بأداء المملكة الذي تميز طوال عقود بجموه وبطئه في أفضل الأحوال.

ومن دواعي السير باقتراح ترشيح السنيورة، في دوائر “المستقبل” وحلفائه، أن “حزب الله” سوف يرفضه، نظراً إلى ماضي المواجهات السياسية وغير السياسية معه وصلابته في التعامل مع قضية سلاح “حزب الله”واستخداماته في الداخل اللبناني والجوار العربي، وسياسات الحزب عموماً وارتباطه بإيران . والمفارقة هنا أن الرئيس السنيورة كافح بكل ما يملك من قوة في حرب 2006 لتخليص الحزب من تهديد البند السابع في القرار الدولي 1701 مصراً على أن يصدر تحت الفصل السادس الذي يمنع المجتمع الدولي من اللجوء إلى القوة لتطبيق القرار عند مخالفته، إلا أن ذلك لم يشفع له عند الحزب. ولا يغيب من ذاكرة اللبنانيين معسكر الاعتصام الشهير حول السرايا لإجبار السنيورة على الاستقالة، ولكن عبثاً.

إلا أن الحكومة العتيدة، سواء أكانت برئاسة الحريري أو السنيورة لن تتألّف في مدى قريب وقد لا تبصر النور مطلقاً، يقول سياسيون مطلعون. فتستمر حكومة تصريف الأعمال الحالية في تصريفها حتى الانتخابات التي صارت في مهب الريح هي أيضاً.

وقد يكون مظهر قوة أكبر  لـ”المستقبل” وبيئته أن يكون رئيسه الحريري رئيس حكومة  تصريف الأعمال المتمادية زمنياً، ورئيس كتلته النيابية رئيس الحكومة المكلّف حتى لو لم تتألف. والأكيد أن دخول السعودية القوي على خط المواجهة مع “حزب الله”، في ضوء تطورات حرب اليمن خصوصاً والاتهامات إلى الحزب بمحاولة قصف الرياض، سوف يحول دون إقدام أي شخصية سُنّية، معروفة وذات وزن، على تحدّي توجُّه الشارع السنّي وقبول الترشح لرئاسة الحكومة غصباً عن إرادة “المستقبل”، والسعودية بطبيعة الحال، وإن كان “حزب الله” قادراً على جمع عدد مُعتَبر من الأصوات النيابية لتأييد هذه الشخصية.

وحتى الحزب لا يبدو، في وارد الاندفاع في المواجهة ومحاولة تأليف حكومة لون واحد وأمر واقع. بل هو يأخذ في الاعتبار محاذير التصدي لقرار إقليمي كبير إقليمياً ودولياً صدر بمواجهته. تفكر قيادة الحزب بهدوء وحذر شديد، حتى الآن، من دون أن يعني الهدوء الظاهر والحذر احتمال موافقتها على حكومة برئاسة السنيورة وعلى شروط لا تناسبها، أو إلقاء سلاح التصدي لقرار المواجهة، بالسياسة أو بغيرها.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها