الثلاثاء ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 10:13

المصدر: النهار

بيار الجميّل… لا تسأل!

“يقال”، بلغة تجهيل المصدر، ان قرارا اتهاميا سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في وقت قريب يتناول القضايا الثلاث ذات الارتباط بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهي اغتيال جورج حاوي ومحاولتا اغتيال الوزير والنائب مروان حمادة ونائب رئيس الوزراء السابق الياس المر. كما “يقال” ان المحكمة الدولية قد تلفظ حكمها في القضية الأم، أي في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري  في السنة المقبلة.

لسنا الآن في معرض مناقشة احتمالات مراحل المحاكمات المتصلة باختصاص المحكمة الخاصة بلبنان، ولكننا لا نتمالك أنفسنا في يوم الذكرى الحادية عشرة لاغتيال أحد ابرز شباب شهداء “ثورة الارز” النائب والوزير الشهيد بيار الجميل عن السؤال الابدي السرمدي هل ترانا نرى دولة حقة يوما في لبنان أم كل هذا سراب؟ بيار الجميل، لمن فاته التذكير، استشهد في قلب الضاحية الشرقية لبيروت في منطقة الجديدة سد البشرية بطريقة مزجت فيها الجهة القاتلة بين اُسلوب الاغتيال التقليدي للمافيات (الرصاص الحي المباشر) وأسلوب الترهيب “الخاص” المبتكر الذي اتبع في مجمل حلقات حرب الاغتيالات التي شنت على شخصيات ورموز حركة 14 آذار وقواها ونخبها السياسية والصحافية.

هذا الشهيد لا يزال ملفه القضائي بدوره فارغا أجوف بلا أي جهد يذكر لتحريكه. وللتذكير فان بيار الجميل كان خاض معركة طويلة في مواجهة تجويف حزب الكتائب وضربه في ظل غياب قسري اشبه بالنفي للرئيس أمين الجميل وقبل اشتداد ساعد الشاب الصاعد سامي. وليس التذكير بذلك الا للإمعان في السؤال هل لا يزال لبناني واحد يشكك في ان الاغتيالات كانت تستهدف البنائين في مؤسساتهم ووطنهم والمقاومين للوصاية السورية وسائر مشتقاتها وامتداداتها؟ وهل كان اغتيال اول رئيس للجمهورية في جمهورية الطائف الرئيس الشهيد رينه معوض في يوم الاستقلال ايضا غداة فجر الطائف وغداة انتخابه الا المؤشر الدامي المبكر على ان لبنان ممنوع من اقامة دولة حقة؟ لن تستفيض في سير الشهداء الآخرين وذكرى جبران تويني تنظرنا بعد أسابيع، بل نكتفي بالتوقف عند حقائق لن نمل من تكرارها في كل ذكرى شهيد سيادي واستقلالي مهما استفز هذا “التصنيف” آخرين يحتكرون لأنفسهم معايير السيادة والاستقلال وحتى الشهادة. ما لم تكشف الجهات المجرمة الجانية في الاغتيالات، اقله التي حصلت منذ محاولة اغتيال مروان حمادة حتى اغتيال محمد شطح اياكم والظن ان وحدة لبنانية حقة ستكون قابلة للحياة يوما. واذا كان حكما صدر في اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل بعد عقود من اغتياله فان ذلك وحده كاف لاسقاط اكبر مؤامرة على الدولة اللبنانية (بمفهوم قيامها) والشعب اللبناني بما يوجب الضغط بلا هوادة لفتح كل ملفات الاغتيالات وعدم الركون الى التجميد الذي يضرب حولها سواء كان تجميدا قاصرا ام تآمريّا ام من اي طبيعة أخرى. وفي ما نراه الآن في اللحظة السياسية الشديدة الخطورة على لبنان الدليل الحاسم على معنى استمرار لبنان بلا دولة تتحكم فيها أنواء العدالة المفقودة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها