عباس الحلبي

الأثنين ٧ تشرين الأول ٢٠١٩ - 07:41

المصدر: صوت لبنان

بيروت لا تزال محط الأنظار

تجديد مفهوم العروبة عنوان مؤتمر دعا إليه النادي الثقافي العربي في ذكرى تأسيسه الخامسة والسبعين وعلى مدى يومين في بيروت بحضور باحثين ومهتمين من لبنان وعدد من الدول العربية. وقد تناولت المحاور التي تمَّت مناقشتها مواضيع مثل العروبة من الحاضر إلى المستقبل والثقافة والهوية والتجديد اللغوي والعرب والعالم والعرب والإقتصاد. 

ربما بعكس التيار إثارة موضوع تجديد العروبة بعدما خَفَتَ وهجها وتفرَّقَ أتباعها ولم تعد إلاّ ذكرى تقع بين الحنين إلى زمن مضى كانت فيه العروبة الإطار الجامع للعرب وبين المآخذ والإنتكاسات والهزائم التي جاءت بها بما أدى إلى نتائج كارثية على شعوبنا.

وقد رأينا أن إنحسار موجة العروبة أدّى إلى نشوء تيارات دينية بعضها ظلامية لسد الفراغ وذلك تحت شعار الإسلام هو الحل فأدت هذه المرحلة ليس فقط إلى إنتكاسات وهزائم إضافية بل إلى كسر النسيج الإجتماعي الوطني في بعض الدول لا بل أخطر من ذلك في القضاء على الدولة الوطنية في بعضها الآخر. 

بعد هذا التراجع في عالمنا العربي يأتي بحث مفهوم تجديد العروبة في أوانه على قاعدة انها المشروع الحضاري الذي يتسع لجميع المكونات ويشكل فيه الدين عنصرا” مكونا” وليس أحاديا” بما لا يسمح للدين إختصار هذا المشروع. 

العروبة كمشروع حضاري يقبل التعدد الإثني والقومي فيشعر الكرد والتركمان والكلدان بأنهم جزء من الأمة ويقبل التعدد اللغوي فيشعر الأمازيغ وسواهم بأن لهم حقا” في حفظ تراثهم وكذلك السريان ويقبل التعدد الطائفي فيشعر الدروز والعلويون والشيعة أن الأغلبية السنية ليست بطاغية على خصوصياتهم كما يمكن أن يعزز فكرة المواطنة وتكريس إنتماء المواطنين إلى دولة مدنية تحترم الدين وتحصره في المجتمع وليس في الحيّز العام وهي إشكاليات كانت مطروحة في العقود السابقة ولكنها اليوم تطرح بشكل أكبر. 

هل تشكّل العروبة عنصرا” مخوفا” للأقليات أم عنصرا” مطمئنا” لها. وهل العروبة سلاح سياسي يستخدم مع نظام حكم ضد نظام حكم آخر؟ وهل هي تحدٍ أم رهان على مشروع رفاه وهل هي تعزز فكرة الدولة الدينية أم تقصي الدين عن إحتلال المساحة العامة؟ 

مبادرة النادي الثقافي العربي هي المساهمة في محاولة إنقاذية لعالمنا العربي ولكنها أيضا” تعبر عن أن بيروت لا تزال محط الأنظار وانها المدينة المفتوحة لتفاعل الأفكار، والقابلة لكل إختلاف مع الأمل ألاّ تضعف هذه الميزة التي طبعت بيروت ولبنان في عصر الظلامية والتطرف والعنف والإرتهان.

هنيئا” للنادي الثقافي العربي في عيده وإلى المزيد من العطاء. 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها