أنطوان صفير

الجمعة ١٤ شباط ٢٠٢٠ - 10:48

المصدر: صوت لبنان

بين أن نَدفع أو نُدفع او ندافع

في عيد العشاق الذي يصادف اليوم، نخرج عن سياق الحب البريء الصادق،
لنتساءل عن نهم عشاق المال الحرام الذين ملؤا الجيوب والخزائن والبطون بحقوق الفقراء والمهمشين،
ولم يرف لهم جفنٌ او يتحرك ضمير.
إِنها مهزلة ما بعدها مهزلة أن يسأل المسؤولون عندنا أنفسهم والمختصين في الداخل والخارج !
عما إذا كان على الدولة اللبنانية أن تدفع ما سيستحق عليها من ديون في آذار المُقبل أو أن تمتنع عن الدفع؟
والأسئلة كثيرة:
هل نُفكّر بدفع الديون المُستحقة قبل أُسبوعين فقط من تاريخ إستحقاقها…. وأي مسؤولية هي تلك ؟
هل هذه مسؤولية أهل المسؤولية العامة في وطننا؟
هل من الجائز أن نبحث عن الديون ندفعها من أموال ليست للدولة بل للمودعين الذين دفعوا الضرائب والرسوم مرة ومرات ؟
لا….. من غير الجائز أن نفكر بإقتطاع أموال ممن عملوا بعرق الجباه
وأفنوا العمر كداً وسفراً
وتحصيلاً للعلوم والأعمال؟
ومن غير المقبول أن نبقى بعد أكثرين من شهرين ننتظر جواباً تقنياً
لا يأخذ أكثر من أيام معدودة حول هوية من حَوَّل المليارات الى الخارج بعد إنتفاضة أهل لبنان في 17 تشرين الأول الماضي؟

إننا نعيش سخرية القدر بين حالتين خطيرتين:
إن دفعنا المبالغ المُستحقة كديون في آذار، سنكون أمام أزمة مالية مستفحلة ،
وأمام أزمات إقتصادية وإجتماعية مفتوحة ستؤدي الى إنفجار إجتماعي لن يتوقف عند حدود.
وأن لم نَدفع، سنُدفع الى نزاعات قانونية دولية،
ستطاول أملاك المؤسسات الرسمية اللبنانية في دول العالم.

أي قدر هو هذا ! أي قدر لنا ولأجيال آتية نجنيه من لعبة السرقات المتمادية،
والإفساد المنهجي،
وثقافة الصفقات والتسويات،
وسياسة التعمية على الواقع الأقتصادي.

وبعدما أمضينا سنوات طويلة نستمع ولا نستمتع الى إعلامٍ موجّهة تبجل حاكما وحكّاما يملكون المال والنفوذ،
وقد أتحفونا بأرقامٍ واهية،
ومدخرات ثمينة،
تبيّن مع الأيام ويتبين كل يوم،
أنها كذب منمَّق،
وسراب لا وجود له،
وكلام فارغ كوجوه شاحبة تطل على الناس،
دون قرار،
ودون خيار،
ودون توجّه واضح،
ودون وضوح في الموقف.

لم ننس بعد أموالهم التي يوزعون منها اليسير على بعض رجال السياسة والأعلام والدين والعلم،
لكي يحتموا بصورهم الباهتة،
وعشقهم للتملك ولو على حساب دم أهل لبنان،
ودموع الأطفال،
وحسرات الأمهات،
ووجع المرضى،
وعشق الجيل الجديد الى التعليم العالي،
والكرامة المتينة،
والعمل المُنتج.
لن يكون خيارنا كجيل جديد بين أن نَدفع أو نُدفع بل سيكون دفاعاً و دفعاً لا يهدأ،
نحو تغيير حازم في الذهنية المُتحكمة منذ عقود،
ولا يتبلور هذا التغيير الا بعودة السلطة الى الشعب وهو مصدر السلطات حسب الدستور،
وذلك من خلال إنتخابات تعود لتحدد الخيارات والتطلعات .

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها