عباس الحلبي

الأثنين ٢٩ حزيران ٢٠٢٠ - 12:37

المصدر: صوت لبنان

حذار اليأس فالتغيير آت

منذ فترة عَمدَت مجموعة من اللبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب إلى الإجتماع فيما بين أفرادِها تحت عنوان صيانة العيش المشترك على قاعدة تطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وكذلك التداول بالمخاطر التي تُحيط بلبنان لا سيما الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية وإنعكاسها على مجمل معيشة اللبنانيين.

وفي سياق هذا النشاط كانت مناسبة إجتماع المجموعة مع عدد من السفراء العرب والأوروبيين. وقد جرى التداول بالأوضاع الصعبة التي تجتازها البلاد وإستعراض المشاكل في المنطقة والنزاعات القائمة والحروب المتنقلة وإنعكاس هذه الظروف على لبنان هذا فضلاً عن بدء تطبيق قانون قيصر وتداعيات هذا القانون على الداخل خصوصاً وأن لبنان مرتبط إلى حد ما بالإقتصاد السوري المنهار على عدة صعد.

أمرٌ لافت ما سمعناه مِن لغة واحدة من هؤلاء السفراء فقد أكدوا أن لا خلاص للبنان إلاّ بتنفيذ الإصلاحات الجدية التي سَبَقَ ووَعَدَ بتحقيقِها وأن التجربة السابقة مع الحكومات اللبنانية المتعاقبة باءَت كلها بالفشل على قاعدة التلاعب بالوعود وبالشطارة على المجتمع الدولي الذي عقد أكثر من مؤتمر لِدَعمِ إقتصاد لبنان وباءَت جميعها بالفشل والسقوط نتيجة عدم تنفيذ الإصلاحات التي وَعَدَت السلطات اللبنانية بها.

وقد طَرَحَ هؤلاء تقريباً نفس الأسئلة أوَّلها ما يتصل بموضوع إرتباط لبنان بأحد المحاور الإقليمية ورهن سياسته الخارجية بهذا المحور وعدم قدرته على تطبيق سياسة النأي بالنفس الذي كرَّسها إعلان بعبدا والبيانات الوزارية المتعاقبة والإبتعاد عن سياسة المحاور وأن يباشر أيضاً وفوراً بإصلاح المالية العامة ووقف الفساد وإصلاح قطاع الكهرباء الذي لا يزال يستنزف الخزينة بمراكمة الدين العام والأغرب تعطيل قيام السلطة القضائية المستقلة وإسقاط التشكيلات القضائية التي أجراها مجلس القضاء الأعلى بإجماع أعضائه. لا تكون الإستجابة إلى مقتضيات الإصلاح بالدعوة إلى المزيد من الإجتماعات واللقاءات كمثل اللقاء الحزين الذي عقد في بعبدا وبِغَضّ النظر عن الفشل المدوي له نتيجة سقوط مرجعية الرئاسة بمخالفتها لدورها المحدد في الدستور كرئيس حكم فَلَم نسمع للآن إلاّ دعوات وشعارات فارغة المضمون ووضع مزيد من الخطط وتأليف مزيد من اللجان تؤكد كلها المؤكد أن هذه السلطة التي أورَثَت اللبنانيين الخراب لا يمكن لها أن تنتج الإصلاح والنهوض بما يعيد الإعتبار إلى الشعارات التي رفعتها  إنتفاضة 17 تشرين ومطالباتها بحتمية التغيير. 

إجتماع بعبدا كان أشبه بمجمع في بعض وجوهه لسفراء الخارج لبحث قضايا الداخل حيث المصلحة الوطنية مغيبة ومصالح المحاور حاضرة بقوة وإلاّ لَكان الأَوْلَى إعلان تحييد لبنان وتنفيذ الإصلاحات وهما الشرطان الأساسيان للخروج من الأزمة وبدء عملية النهوض. 

هؤلاء الذين أوصلوا البلاد إلى التحت لا يستطيعون وقف الإنهيار وبدء الإنقاذ، لعلَّ الإنقاذ الوحيد هو التخلّص من هؤلاء. 

حذار اليأس فالتغيير آت.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها