الثلاثاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 16:56
المصدر: النهار العربي
حكايتي مع إبراهيم العابد وحكايته مع مشغرة
في يوم ربيعي حافل بالنشاطات التي كان ينظمها نادي دبي للصحافة، وكنت في عداد المشاركين، التقيت رجلاً مسناً بشوش الوجه، تفوح منه الطيبة، وبعض خجل مشوباً بالحنكة، وقدمني اليه من دون سابق معرفة قريبي في دولة الإمارات باسل حجار، وعرفني بـ”ابن العم من مشغرة”. وما إنْ سمع بمشغرة، بلدتي البقاعية، حتى انفرجت أساريره، ويسألني عن مشغرة وأحوالها، ويتحدث عن ماضيها الجميل، ذاك الماضي الذي لم أعرفه جيداً. وفوجئت بأن يكون مستشار مجلس إدارة الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة يتحدث عن مشغرتي بهذا الشغف، وأيضاً بهذا الاطلاع والمعرفة. ولما سألته عن معرفته بمشغرة، ابتسم وسألني عن عمري، ليقول لي بطريقة غير مباشرة إنه عرف بلدتي منذ ما قبل ولادتي وربما بكثير.
هذا كان اللقاء الأول، وتبعته لقاءات كثيرة أقل ما يقال فيها إنها ممتعة نظراً لدماثة الرجل وتواضعه وسعة معارفه. وقد روى لي أنه هجر مع أهله فلسطين في العام 1948 ولجأ الى البقاع الغربي حيث استوطن مع أهله محيط بلدة القرعون. وكانت مشغرة تلك المدينة الغنية التي قصدها مع ذويه في المناسبات والأعياد. شكلت له آنذاك وهو بعد صغيراً، ما قاله الشيخ محمد بن راشد في بيروت. كان يتحدث بشغف، ويسهب في شرح عن ماضٍ لم يعد موجوداً. لكن حنينه الى تلك الأيام، وهو لاجئ، ومهجر، لم يخفت. كان ينظر الى الجوانب الإيجابية في التهجير التي دفعته الى البقاع اللبناني، ولاحقاً الى بيروت حيث تخرج في الجامعة الأميركية، ومنها الى دولة الإمارات التي منحته جنسيتها، وأولته أعلى المراتب
أمس، أغمض إبراهيم العابد عيناه الى الأبد، تاركاً الذكرى الطيبة، وبصمات نجاح، وصداقات متينة أرساها في كل أنحاء العالم العربي.
ويعد إبراهيم العابد أحد أبرز القيادات الإعلامية في دولة الإمارات. فقد شغل منصب المدير العام لـ”المجلس الوطني للإعلام”، ومنصب المدير العام لوكالة أنباء الإمارات “وام”، والمشرف على تحرير الكتاب السنوي لدولة الإمارات والكتيبات والمطبوعات الأخرى التي تصدر عن إدارة الإعلام الخارجي. وكرّمه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بجائزة شخصية العام الإعلامية في حفل توزيع جائزة الصحافة العربية 2014 تقديراً لمجمل عطاءاته.
ويعتبر إبراهيم العابد نموذجاً رائداً للمهنية الرفيعة التي عززت المسؤولية الوطنية والاجتماعية للإعلام العربي، بخاصة في الإمارات في مسيرة حافلة بالعطاء، حيث نهض بالعديد من المسؤوليات الإعلامية باقتدار، ساهمت في نقلات نوعية للإعلام الإماراتي في زمن قياسي.
يوصف بالإعلامي الأول في الإمارات، إذ عايش البدايات الأولى للإعلام في الإمارات وكان مساهماً فاعلاً في التأسيس لانطلاقته، ثم تابع تطوره وقفزاته، واستمر يقدم من خبرته ومهنيته في سباق توقف بالأمس.
ﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ “وزارة اﻹﻋﻼم واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ الإماراتية” ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1975، ﻣﺴﺆولاً عن الإعلام الخارجي، وأﺳﺲ “وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺒﺎء اﻹﻣﺎرات” عام 1977، وﺗﻮﻟﻰ إدارﺗﮭﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎم 1989، ﺛﻢ ﻛﻠﻒ بإدارﺗﮭﺎ عام 1997، وترأس الفريق الإعلامي المكلف بتأسيس “وكالة أنباء الأوبك” في 1980. له 12 ﻛﺘﺎﺑﺎً، وشارك في تأليف وإصدار كتاب “رؤى مستقبلية” عن دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1979. نال “ﺟﺎﺋﺰة ﺟﻤﻌﯿﺔ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﺑﯿﺮوت”
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها