أنطوان صفير

الأحد ١٩ كانون الثاني ٢٠٢٠ - 08:34

المصدر: صوت لبنان

حكومة One stop shop

في سياق إنتظار اللبنانيين للحكومة الموعودة، بعد ثلاثة أشهرٍ ونيف على إنتفاضتهم على كل ما عانوه خلال سنوات وعقود، فقد صُعقوا بلائحة أسماء تمثل من تمثل وما تمثل في السياسة والتكنوقراط، دون أن تلامس معايير الإستقلالية وطموحات الأجيال الجديدة المنتظِرة التائقة الى تغيير حقيقي في ذهنية الحاكمين،
وهم يتصرفون وكأن شيئاً لم يكن،
وكأن مئات الآلاف لم يفترشوا الطرقات ويصرخوا صرخة سمعها أهل العالم حيث هم ومعهم كل التائقين الى الحرية والعدالة والكرامة وإحترام الإنسان،
وكأن شباباً هم ضمير الوطن، لم يتعرضوا لتصرفات أقل ما يقال فيها أنَّها تخرج عن سياق حقوق الإنسان، وتتعرض للحريات حيث لا تطبَّق المعايير عينها بين المناطق وبين المحتجين السلميين وغير السلميين ولا تفرق، إنطلاقاً من المثل الشعبي الشائع عندنا : “جحا ما في إلاّ على خالتو”.
أمّا بعد، فإنّ الحكومة الآتية وعساها لا تأتي بالشكل الذي طالعتنا به وسائل الإعلام والمعطيات، لأنها ستشكل حكومة One stop shop أي حكومة الشباك الواحد والرأي شبه الواحد والبرنامج الغائب في ظل الأزمات الكبرى التي يستعصي الكثير منها على الحلول،
نظراً لتكوين الحكومة الموعودة وإرتباط أشخاصها إرتباطاً وثيقاً بمن أولاهم نعمة التوزير في هذا الزمن الرديء.
نعم، إنها رحلة اللبنانيين المرّة نحو تغيير الذهنية الحاكمة،التي عليها أن تفهم وتتفهم أنّ الزمن قد تبدّل وأن عليها الإرتقاء الى طموحات الناس ووجعهم، فلا مصادرة لقرار الناس بل إستماعٌ وإنتباهٌ وتنبّه،
لن يرضى أهل لبنان بحكومة One stop shop إذ نريد حكومة من الإختصاصيين المستقلين- المستقلين،
لا يواجهون إلا بإسم الحق، ولا يستنجدون إلاّ بصلوات المتألمين وصبر المهمشين، ولا يستقون إلاّ بالقانون والعدالة، بعدما هندست الهندسات المالية ما تبقى من قوتنا وقوت حياتنا، فإغتنت طبقة فوق غناها! وأُفقر الناس.
وحكومةٌ كهذه ليست إلا مشروع طلاق جديد وربما كبير بين الحاكمين والمحكومين،
وهذا ليس عدلاً ،والعدل أساس الملك لا بل أساس الحكم لا التحكم،
وأخيراً وبغض النظر عما حصل في الأيام الأخيرة، إنّما لفتني بالأمس ما تعرض له بعض الطلاب العزل أهل المدارس والعلم والفكر من يتطلعون الى لبنان بنقاء الملائكة،
فقد تعرضوا بالأمس في مدينة جونية الى ما تعرضوا له من تصرفات مشينة،
إنّ الحقوقيين والمستقلين والطامحين الى دولة قانون يتطلعون الى أجهزة تحاكم أولائك الذين قاموا بتلك الأعمال،
لأنها تشوِّه صورة لبنان،
لبنان الذي كان وسيبقى مدرسة الحريات والعدالة مهما طال الزمان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها