أنطوان صفير

الجمعة ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٩ - 10:22

المصدر: صوت لبنان

رحلة التكليف والتكاليف

يبدو أنَّ السياسات والحسابات قد قوضَّت الديناميّة  الدستورية، وأصبحت المجالات مفتوحة دون سقف او حدود اومهل، على أمل إِنعقاد الإستشارات النيابية نحو تكليف وتأليف ظنناه وطارئاً، بحكم إنهيار الإقتصاد وتقهقر الخدمات وصرخة الناس الموجوعة، وإنكفاء الخطابات التي أرهقت الآذان والضمائر طوال سنوات.

ولعلّ مسار التكليف الموعود يتعقد يوماً بعد يوم، بحكم العوامل المختلفة في الداخل ومن الخارج، حتى أضحينا في واقع من ينتظر تكليفاً، فإذا بنا نصطدم بلا تكليف وإنّما بتكاليف باهظة وفي مختلف القطاعات والميادين ،ولا سيما أزمة الثقة التي تجتاح القطاع المصرفي دون هوادة.

وبدل أن يكون الحصن محصناً، إنهارت الوعود التي كلفّت البلاد مبالغ طائلة، والصورة اللمّاعة “لمنقذ إقتصادي” قد تقهقرت معالمها بعدما أصبح السوق النقدي سوقين، ولم يعد المودع سيد وديعته، ويقال أنّ أموالاً باهظة قد نُقلت الى الخارج ــــ وهذا أسهل ما يمكن الإفصاح عنه ــــ ولكننا نعيش في جمهورية لا يعرف شعبها إلاّ شيئاً شكلياً ،بينما يزداد السوء سوءً ،ويكتنز من يكتنز من خيرات الدولة والناس ولا من يحاسب.
وإذا كان صحيحاً أنَّ مليارات قد إستوطنت في حسابات خارج لبنان، فإنّ التحدي يكمن في الإفصاح عن قيمته،ا وعن أصحابها، وعن كيفية تحويلها، وبواسطة من؟

طبعاً لا جواب، والجوائز الدوليّة غداً ستُمنح ولكن لأفضل من فشل في إدارة المال العام والنقد الوطني، 

ولأشرس من لا يُفصح عن مكامن الخلل،

ولأنجح من بنى ملياراته على حساب تعب الناس،

لن أزيد ـــــ ويعودون ليسألوا من يثور، ولماذا؟ 

لأنكم أرهقتم النفوس والجيوب، 

وأخذتم كل شيء، 

وأقمتم إمبراطوياتكم الفاسدة، وملياراتكم المنهوبة من المال العام أو عبر السلطة العامة والتي أصبحت مضرب الأمثال في العالم.

نعم،
نريد تكليفاً وتأليفاً اليوم قبل الغد كي لا تصبح التكاليف الباهظة عصيةً على الحلول والنتائج،

فتتحول الثورة الإجتماعية وبمواجهّة الفساد الى حركة جوع تعمّ البلاد من أقصاه الى أقصاه بعد ما سلب معلموا الأرض كل شيء ولم يشبعوا.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها