أنطوان صفير

الجمعة ٢٨ شباط ٢٠٢٠ - 09:53

المصدر: صوت لبنان

صندوق النقد والنقض

تكاثر الحديث في نواحي السياسة والإقتصاد حول دور صندوق النقد الدولي
وما إذا كان تقنياً أو غير ذلك.
والحقيقة تقال، أن ما يملي تدخل أو مساعدة صندوق النقد الدولي وغيره من الصناديق والمؤسسات الدولية، هو الواقع المالي والإقتصادي المزري الذي وصل اليه لبنان،
بعد سنوات عجاف عجاف من نهب ثرواته وثروات شعبه وصولاً الى وضع Capital control من قبل المصارف في غياب أي تشريع يصدرعن مجلس النواب.
مما أدى الى تفلت غير مسبوق في القطاع المصرفي والنشاط الاقتصادي،
وإهتزت ثقة دام بناؤها أكثر من ستة عقود منذ عهد الرئيسين الراحلين كميل شمعون وفؤاد شهاب،
والكبار الذين عرفهم لبنان كميشال شيحا وبيار اده وريمون اده وسواهم.
ولم يزل أهل السلطة عندنا يناقشون أجناس الملائكة،
ويتشاطرون على بعضهم،
ويشترطون …..
ولا تهزهم صرخات مواطنين تائهين تائقين،
الى لقمة عيش كريم،
وطبابة مؤمنة،
وفرص عمل هي حق طبيعي للجيل الجديد،
ودخل محترم،

ألم يكفنا بعد كل ما حلَّ بنا ،من جراء عدم اكتراث الحاكمين منذ سنوات وسنوات؟!
ألم نتعظ من تجارب الدول التي وصلت الى الإنهيار المالي والانحدار الإقتصادي؟!
والتفلت في تحمل المسؤولية العامة تارةً بفضل الحصانات القانونية التي تمنع المسائلة، وتارةً أخربسبب الانعامات والحمايات السياسية،
حيث تزاوج البزنس مع السياسة ولا طلاق بينهما.

وما قصّة اليوروبوند الا دليلاً قاطعاً على ذلك، بحيث أن جزءًا من المصارف قد إستثمر في هذه السندات ومنهم من يقال أنه باعها الى أجانب غير لبنانيين؟ّ
ونتساءل هنا : هل من المقبول أن يحضر رئيس مصرف اجتماعات رسمية لأركان الدولة تُدرَسُ فيها إمكانيات دفع استحقاقات آذار أو تمتنع عن دفعها!؟
وهو صاحب مصلحة أكيدة ، اذ أنّه من المُستفيدين في حالة الدفع؟!
هل يجرؤ أحدٌ أن يعلن عن قيمة الفوائد التي استحصل عليها البعض طوال سنوات،
من دم اللبنانيين والمال العام ؟!
وهل من مبرر لحجز أموال الناس وتعبهم تحت حجج واهية؟
والمشكلة أن الخطابات مستمرة ،مزعجة آذان اللبنانيين وأحلام أطفالهم.

نعم، بعدما أصبحنا من أكثر الدول في مستوى المديونية بالنسبة للناتج القومي،
فقد أصبح جلياً أن يأتي صندوق النقد لا لينتقد بل لينقض.
ولا يظنن أحد أنَّ صندوق النقد جمعية خيرية اجتماعية تبغي الخيرالعام فقط،
أنها مؤسسة دولية تتحرك بشكل خاص عند تعثر بعض الدول أو إفلاسها،
وتفرض أصولاً للعمل، وشروطاً دقيقة، وضوابطًا وجلّها صعب التحقيق والتطبيق.
ولكن السؤال يبقى : هل من حلول بديلة تقي الإنهيار العام أو تؤخره؟
نعم، الحل يبقى واحداً أحداً وليس ساذجا،
الا وهو وضع اليد على الأموال التي إستُحصل عليها البعض بصورة غير مشروعة،
ومن هو هذا البعض؟
كل من حمل توقيعاً أو صفة أو عقداً أو التزاماً مع الدولة،
ان تواجد المال في لبنان أو في الخارج،
وغير ذلك،
كل الكلام ساقط،
وكل الحلول وهمية،
وكل الإجراءات الموجعة ستؤدي الى طلاق أكبر وأكبر بين السلطة وأبناء لبنان،
الذين سيأتي يومهم مع قضاء حر نزيه،
مهما طال الزمن،
لتكون لهم الحرية مصانة،
والديمقراطية مكرسّة،
والفساد ساقط ساق

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها