الجمعة ٩ تشرين الثاني ٢٠١٨ - 08:55

المصدر: Arab Economic News

طويلة لـAEN: النتائج المالية مقلقة لـ”سيدر”

فيما لا يزال لبنان يبحث عن حكومة تعيد إنتظام الحياة السياسية المعطلة في ظل الخلافات على توزيع حصص الأحزاب داخل مجلس الوزراء، تعود إصلاحات “سيدر” التي لم يكد يجفّ حبر إلتزاماتها “الجريئة” في باريس حتى بانت النتائج المعاكسة في بيروت بعد أشهر قليلة، وربما أهمها خفض العجز المالي للبنان بنسبة 1% سنويا على مدى خمس سنوات، إستهدافا لخفض حجم العجز العام من الناتج المحلي الإجمالي الى 5%.

ماذا تقول الأرقام التي نشرتها وزارة المال على موقعها على الانترنت، ودلّت على ارتفاع عجز الميزان الاولي بنسبة 234%؟
بحسب مديرية المالية العامة- المركز الالكتروني، تراجع اجمالي الإيرادات العامة في النصف الأول من العام تراجعت بنسبة 2%، لتصل الى 5 مليارات و941 مليون دولار مقابل 6 مليارات و60 مليونا في النصف الأول من 2017. وفي مقابل ذلك، ارتفع الانفاق العام بنسبة 28.85% ليبلغ 8 مليارات و977 مليون دولار مقابل 6 مليارات و968 مليونا في النصف الأول من 2017. الى ذلك، تراجعت الإيرادات الضريبية بنسبة 3.2% لتبلغ 4 مليارات و569 مليون دولار مقابل 4 مليارات و723 مليونا في النصف الأول من 2017. وعليه، بلغ عجز الميزان الأولي نحو 3 مليارات و36 مليون دولار مقابل 908 مليونا في النصف الأول من 2017، أي بزيادة جنونية بلغت نسبتها 234.36%.

هذه الأرقام، بحسب ما اكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في “حزب الكتائب اللبنانية” جان طويلة الى موقع Arab Economic News، هي أكثر من “مقلقة” وخصوصا منها زيادة الـ234% في العجز العام وبلوغه عتبة الـ3 مليار دولار، “لانها تؤكد أن لبنان سيعجز عن الالتزام بموازنة 2018 التي صوّت عليها النواب وتوقعوا عجزا بمقدار 4.8 مليار دولار”. وقال “تدل النتائج المالية بوضوح على عجز الدولة وفشلها في إدارة المالية العامة”.

وذكّر كيف هلّل أهل السلطة لإقرار موازنة 2017 – 2018 “لاعادة الانتظام المالي”، وهي العبارة التي ترددت مرارا، “لكن بكل وضوح، المشكلة ستكون أكبر في ظل عدم ضبط الانفاق العام وترشيده، بدليل التصويت على موازنة 2018 وعلى سلسلة الرتب والرواتب وعلى قانون وقف التوظيف في الإدارات العامة، الذي هو موضع تحقيق حاليا في ظل كلام عن توظيف نحو 5 آلاف شخص من أيلول/سبتمبر 2017 لغاية اليوم”.

ورأى طويلة -مثّل “حزب الكتائب” في اجتماعات لجنة القضايا الاقتصادية العامة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي التي تضمّ ممثلين عن تيّارات سياسية وفئات اجتماعية، والتي خلصت الى اعداد إعداد ورقة عمل تمهيداً لطرحها كبرنامج “توافقي” يرمي “إلى تحفيز النمو والتصدّي للاختلالات البنيوية والظرفية التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني”- ان ثمة مشكلة حقيقية في موضوع النفقات العامة، بدليل ان كلفة سلسلة الرتب والرواتب حُدّدت بنحو 800 مليون دولار لدى التصويت عليها لاقرارها، بينما يتوقع اليوم ان تبلغ 1.4 مليار دولار، أي بزيادة اكثر من 70% مما كان متوقعا”.

من هنا، إعتبر طويلة أن هذه مسؤولية أي إدارة وأي مسؤول، “فحين طالبنا باعداد دراسة اثر اقتصادي وبتحديد الكلفة، لم نلق آذانا صاغية. بينما تبيّن اليوم ان كل ما قلناه هو صواب”، مشيرا في شقّ النفقات العامة الى “استمرار التوظيف الوهمي والعشوائي، والعجز عن تحديد حجم كلفة سلسلة الرتب”.

وبالنسبة الى الضرائب التي فرضتها الحكومة على أمل ان تشكل مصدر تمويل للسلسلة، قال طويلة إن فرض ضرائب جديدة على الشعب اللبناني لم ولن يشكل الحلّ، “وهذا يظهر في النتائج المحققة. فالايرادات الضريبية تراجعت بنسبة 3.2%، مما يعني ان الضرائب الجديدة التي فُرضت إنعكست على القدرة الشرائية للمواطن ولم تحسّن حجم الإيرادات الضريبية للدولة، وزادت التهرّب الضريبي الذي هو المشكلة الأساس. هذا ما حذرنا منه، وطالبنا بمكافحة التهرب الضريبي اذا أرادوا تمويل السلسلة”.

ولفت طويلة في السياق، الى دراسة لـ”بنك عوده” صدرت في 2017، وأكدت بلوغ التهرب الضريبي في الـ2016 نحو 4.2 مليار دولار في الـ2016. وتوقعت دراسة المصرف التي صدرت هذا العام، ارتفاع هذا الرقم الى 4.9 مليار دولار في الـ2017. وقال “هذه مشكلة تحتاج الى حل. وهنا نصل الى الأهم، اذ نتوقع ان يتخطى عجز الدولة سقف الـ6 مليار دولار، ليشارف العجز العام من الناتج المحلي الاجمالي نسبة 11%. علما ان مؤتمر “سيدر” اشترط على لبنان خفض 1% العجز السنوي على مدى خمس سنوات، ليصل الى 5% سنويا”.

وقال طويلة إن ارتفاع العجز الى 6 مليارات دولار او 11% من الناتج المحلي، يشكل خطرا كبيرا على مصير “سيدر”، مؤكدا استحالة لبنان في خداع المجتمع الدولي والدول التي منحت لبنان ثقتها لراغبتها في مساعدته، “حين بادروا الى إقرار موازنة وهمية لـ2018، وقدموها وهم يدركون انهم لن يستطيعوا الالتزام بها، والبرهان هو بالأرقام التي نراها اليوم”. وأضاف “هذا يؤكد ان لا مفرّ من الإصلاحات على الصعيد المالي وعلى الصعيد البنوي وفق شروط “سيدر”. لكن الأهم هو السؤال: من سيقوم بتلك الإصلاحات؟”.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها