الجمعة ٢٠ آذار ٢٠٢٠ - 14:07

المصدر: صوت لبنان

علامات الأزمنة

في غمرة التعبئة العامة التي أَعلَنتها الحكومة درءً لمخاطر انتشار الكورونا في وطن الأرز، 

بعدما بقيت الحدود مشرَّعة لكل آتٍ.

فَحَصَلَ ما حَصَل ، 

من حالة هلع ،

وإنكفاء عام ،
وشلل إقتصادي،
وضيق فوق ضيق .

أنها حالة وطننا القابع تحت أزمات المال المنهوب،

والذي تبيَّن مع الواقعات ومع قانون Capital Control الذي تعدّه الحكومة، 

أنَّ أموال المودعين قد موَّلت مصاريف الدولة ومَن حولها، 

فأضحى من الصعب جداً أن تعود الأموال المودعة في البنوك الى أصحابها،

وفق مبدأ حريّة التعامل المعتمدة منذ نشأة لبنان.

والأفظع، أنَّ لا خطوات عملية وقانونية لملاحقة من نَهَبَ المال العام والخاص، 

واسترداد مليارات قابعة في الداخل وفي الخارج.

أمّا شعوب العالم القابعة هي الأخرى في حجر صحي قسري، 

فهي ولا شك تنظر كما نحن بدهشة، 

إلى حالة الشلل العام، 

إذ تنفسَّت البيئة الصعداء،

بعدما إنحسر التلوث القاتل في أكثر من مكان.


ورأينا بأم العين، أننا نعيش علامةً فارقة من علامات الأزمنة، 

حيث انكفأ نظام العولمة، 

وكلٌّ عاد الى عرينه طالباً – خائفاً ، 

على أمل أن يعود كُلّ منّا الى ذاته وعائلته،
وأصله وتاريخه، 

وتقاليد الأقدمين ومحاكاة الطبيعة والتاريخ.


نعم، أنها من علامات الأزمنة التي تجيب على الشكوك والتساؤلات الوجوديّة، 

فالإنسان ليس إلاّ لاعباً في العالم دون أن يكون سيداً له،
وعظمة السلطة والمال والتكنولوجيا وما سواها قد خسئت أمام الشلل العام والخوف المتزايد.


وقد أطفأت محركات الحياة الصاخبة، 

وحلت الظلمة في بعض النواحي في العالم التي لم تعرف الا الأضواء والضوضاء، 

ولكن فات مقررو هذا الكون أنَّ الحياة هي ملك خالقها،

وأن الظلم ضد الطبيعة والإنسان له حدود وليس إلاَّ مرحلة عابرة. 

أما الغاية الكبرى فهو مدبر الكون وخالق الإنسان، 

وأي فلسفة غير تلك تنزل منزلة المكابرة،

وهل للمكابرة بعد مكاناً بعد كل الحقائق الصاعقة؟ 

هذه الحقائق الصاعقة التي يجب أن تعيدنا الى ذواتنا للالتقاء بالإنسان،

لا للطلاق منه، 

هي الواجب الذي يدعونا الى وقف الظلم والتجريح والتهميش،

الذي يطاوله أخاً في الانسانية والأوطان. 


حالة الرعب والإنكفاء ليس إلاّ منصة للخروج من النفق المظلم،

اذ ستتبدل مفاهيم، 

وستنكسر قيود،

وستُنقض فلسفات،

وستنكفأ أفكار ومعتقدات،

وستعود القرية العالمية المستحدثة، 

لتحاكي الإنسان الأنساني الذي لا يمكنه أن يعيش،
إلا إنطلاقاً من وطن وأرض ومفاهيم،
منها يتواصل مع كل آخر.

أنها علامات الأزمنة 

علنا نلتقط العناوين فلا تفوتنا التفاصيل،

ونعود الى خالق الكون، 

والى الرسالات التي أرادها ووضعها في كل منا.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها