فرنسوا ضاهر

الأثنين ٢ كانون الأول ٢٠١٩ - 07:40

المصدر: صوت لبنان

في إمكانية حلّ الأزمة الحكومية

ان التغيير الذي أحدثته ثورة 17 تشرين الأول

لا بدّ ان ينعكس على تركيبة السلطة الاجرائية 

لناحية ان تتألف من طبقة سياسية جديدة، بعيدة عن الأحزاب

وعن الولاء للقادة السياسيين التقليديين.

بحيث ان تشكيلها بات يفترض ان تتكوّن

من رئيس ووزراء يُعتبرون خارج المنظومة الحاكمة.

الأمر الذي يحمل على توصيفها 

بالحياديّة أولاً وبالتكنوقراطية ثانياً.

وان هذه المقاربة لتأليف الحكومة الجديدة

لا يصحّ ولا يجوز ان تغيظ أحداً من الأحزاب الحاكمة، بما في ذلك حزب الله،

لأنه عندما يكون الإقصاء شاملاً جميع الأحزاب

لم يعد إقصاءً بل توجّهاً جديداً في تأليف الحكومة المركزية 

المنبثقة عن ثورة 17 تشرين الأول، والمعيّنة من الطبقة الحاكمة ذاتها 

المهيمنة على مؤسسات الحكم المركزي الدستورية.

وان هذه الصيغة في تأليف الحكومة الجديدة

لا تتعارض إطلاقاً مع توجّه حزب الله التاريخي،

الذي وإن دخل الى الندوة البرلمانية بدءاً من الانتخابات النيابية العامة

التي جرت في سنة 1992،

غير انه لم يشارك في السلطة الإجرائية، إلاّ منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة،

التي تألّفت في شهر تموز من سنة 2005.

بحيث ان بقاءه خارج السلطة الإجرائية منذ إتفاق الطائف سنة 1990

وحتى منتصف سنة 2005، لم يشكّل عائقاً في نموّه  ولا حرفاً

عن دوره المقاوم، ولا انتقاصاً من موقعه في حياة لبنان السياسية.

كما وانه يمكن ايضاً، ومن ناحية اخرى، ان لا يتضمّن البيان الوزاري

الذي على أساسه ستنال الحكومة الجديدة الثقة من المجلس النيابي،

أيّة إشارة الى ما يعدّل في دور حزب الله، 

او اي تعرّض للثلاثيّة الذهبيّة (شعب وجيش ومقاومة)

التي يحرص عليها، او حتى أي لحظ لبحث مسألة ” الخطة الدفاعية

التي يتوجّسها حزب الله، والتي يعتبرها تضييقاً لدوره ومهامه، 

وتطويقاً لعقيدته ومشروعه الايديولوجي.

اما الصلاحيات الاستثنائية التي يمكن ان تضطلع بها الحكومة الجديدة

والتي تجيز لها حق التشريع لمدة زمنية محدّدة ، فيمكن حصرها

بالمواضيع المالية والاقتصادية والمصرفية والخدماتيّة، ومحاربة الفساد،

ووضع آلية لاسترداد الأموال المنهوبة والمسروقة.

كما بإقرار قانون إنتخابي جديد،

وبتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي، حتى تُجرى في ضوئه

انتخابات نيابية مُبكرة.

وإن كل هذه المواضيع لا يصحّ ولا يجوز ان تغيظ حزب الله،

او ان تشكّل تعرّضاً لمصالحه، لأنه هو من ينادي بإتمامها.

سيما وان إشتراكه في السلطة الإجرائية لم يأتِ إلاّ بعد

مرور ما لا يقلّ عن خمس عشرة سنة على إقرار دستور الطائف.

وبعد أن تمّ إسقاط سلطة الوصاية عن البلد، وبعد ان حطّت تلك السلطة

رحالها، مع الإبقاء على ما ترافق معها من تثبيت لمنظومة الفساد في لبنان.

ومن خيارات في السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والمصرفية،

التي نحصد اليوم أسوأ نتائجها، والكوارث الاجتماعية التي أدت اليها.

وفي اي حال، وضمن هذا الإطار العام، 

إن حزب الله مدعوٌ الى الافراج عن ولادة الحكومة الاستقلالية المحايدة الجديدة، 

وحتى الى المساهمة الفاعلة في ولادتها، 

حتى يتصالح مع جميع اللبنانيين قبل كلّ شيء، وان لا يكتفي بعرقلتها،

مستنداً في ذلك الى تحالفاته مع بعض من هؤلاء اللبنانيين. 

وأن يظهّر نفسه للعالم بأسره، 

انه حزب يرمي الى تطوير النظام السياسي اللبناني،

وجعله أكثر صلابة ومتانة وشفافية، 

وأن يكون ايضاً ظهير الشعب اللبناني،

بكل اطيافه ومشاربه ومناطقه وعائلاته الروحية.

وهو الشعب المعذّب والبائس والمقهور والجائع والمُختَلَس، والفاقد لهويته، 

والمتخلّي عن انتمائه الوطني، من شدّة كفره بهذا الوطن.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها