فرنسوا ضاهر

الأثنين ١٦ كانون الأول ٢٠١٩ - 07:39

المصدر: صوت لبنان

في ثورة 17 تشرين الأول ما لها وما عليها

طبعاً إن ثورة 17 تشرين الأول

قد أضحت جزءاً من المعادلة السياسية في لبنان

بمعنى ان المنظومة الحاكمة باتت تأخذ وجودها

بعين الاعتبار، من دون ان يتحدّد بعد مقدار هذا الاعتبار

لجهة حجمه ونوعه.

لأن موازين المبارزة على الأرض،

هي التي ستحدّد حجم الثورة في السلطة الاجرائية

عند إعادة تكوينها.

في المرحلة الأولى عند تسمية الشخصية التي ستكلَّف

بتشكيل الحكومة العتيدة.

وفي المرحلة التي تليها،

عند تأليف التشكيلة الوزارية بحدِّ ذاتها.

علماً أن المنظومة الحاكمة التي تسلّم ظاهراً بتقبّل الثورة

واحتضانها ومراعاتها وأخذها في الاعتبار وتبنّي مطالبها، 

هي تُخاصِمها في الباطن وتتوقّع إنهيارها،

بفعل تفسّخها وانقسامها على بعضها من الداخل،

وبفعل القمع الممنهج الذي تمارسه على رموزها من الخارج.

ذلك أن الثورة قد عرّت المنظومة الحاكمة

وكشفت عوراتها والمآسي التي ولّدتها في حكمها للبلاد،

على مختلف الصعد الخدماتية،

والوضعية المالية التي اوصلتها اليها،

كما الهشاشة التي أحدثتها في القطاع المصرفي

الى حدِّ إفراغه من ودائع ومدّخرات شعبٍ بأكمله.

وإن التأخير المتعمّد والحاصل في الاستشارات النيابية

الملزمة لتسمية رئيس حكومة مكلّف، يقع ضمن خانة

هذه المبارزة المتواصلة والواقعة بين المنظومة الحاكمة،

المتمثّلة بأركان التسوية الرئاسية، 

وبين المطالب التي تنادي بها الثورة.

علماً أن هذه الأخيرة ايْ الثورة، التي ما زالت 

سلميّة منذ لحظة انطلاقها، 

هي ايضاً نظاميّة، تبعاً للوسائل التي تستخدمها لتحقيق أهدافها.

بمعنى انها تطلب من المنظومة الحاكمة ان تنقلب على ذاتها،

وان تسلّمها مقاليد السلطة الإجرائية من دون ان تشاركها فيها.

وان يمنحها المجلس النيابي الحالي، الذي يمثّل هذه المنظومة، الثقة،

كي تضطلع بممارسة صلاحياتها الدستورية. 

امام هذه المعادلة الفريدة في تكوين السلطات الدستورية،

وفي تعديل هذا التكوين، بات يتعيّن على الثورة 

الاّ تكتفي بالتعبير عن اللاءات في الشارع، لناحية رفض

الاسماء المطروحة لتكوين السلطة الإجرائية، من رئيس ووزراء،

بل الى تسمية الأشخاص الذين تعتبرهم مقبولين منها، لتولّي هذه المناصب.

وذلك حتى تنتقل المبارزة والمواجهة بين الثورة والمنظومة الحاكمة 

من المطالب المبدئية والمواصفات الذاتيّة 

الى مقارعة الأسماء فيما بينها.

بذلك تكون الثورة قد قصّرت الآماد وسرّعت إمكانية تحقيق الأهداف،

لأن الأوضاع المعيشية للناس تتفاقم سوءاً،

وأضحت تطال شرائح مجتمعيّة كانت بمنأى عن الأزمات. 

وإن معالجتها قد أضحت ملحّةً من شدّة خطورتها، على الأمن الاجتماعي برمته.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها