فرنسوا ضاهر

الأثنين ٢٤ شباط ٢٠٢٠ - 07:50

المصدر: صوت لبنان

في مطالبة زعماء المنظومة الحاكمة بالإنتخابات النيابية المبكرة

ثابتٌ، أن القانون الإنتخابي الحالي قد فصّل على قياس الزعامات التي تؤلّف المنظومة الحاكمة في البلاد.

وثابتٌ أيضاً، أن تلك المنظومة قد أوصلت البلاد الى أوضاعها غير المسبوقة والمتشعّبة والمتكاملة سوءاً على رقعة أرض صغيرة كلبنان.

وثابتٌ أكثر، أن المبارزة التي حصلت بالأمس، بمعرض الإنتخابات النيابية الأخيرة (أيار 2018)، بين المجتمع المدني والمنظومة الحاكمة، قد إنتهت الى تولّد جبهة معارضة في المجلس النيابي، لا يتعدّى عدد أعضائها العشرة نواب، على أبعد تقدير.

الأمر الذي يُستفاد منه أن القانون الإنتخابي الحالي المشار اليه، يعزّز نفوذ المنظومة الحاكمة ويحميها ويأتلف مع طموحها بالبقاء ممسكةً بمقاليد حكم البلاد. 

وها هي هذه المنظومة، تتلبّس اليوم، مطلب ثورة 17 تشرين (الأول) وتدعو الى إنتخابات نيابية مبكرة، في ظلّ القانون الحالي. لأن دعوتها هذه، في حال تحقّقها، ستطهّر أداءها من كل المآخذ المسجّلة عليها. لأن القانون المذكور سيضمن لها فوزاً مؤكّداً وساحقاً. 

ولأن المجتمع المدني المُكَودَر بثورة 17 تشرين (الأول) لن يتمكّن من الإستحواذ على الأكثرية المطلقة في المجلس النيابي، تبعاً لتشعّب تياراته وأحزابه وفصائله وقياداته وعدم توحّد مشروعه السياسي.

وإنه إذا أعادت المنظومة الحاكمة تكوين ذاتها بالإنتخابات النيابية المبكرة، كما هو مرجّح بالقانون الإنتخابي الحالي، ستعود لتمسك حكم البلاد من جديد بقبضةٍ حديدية، وتسير بها على ذات المناحي التي يعاني منها الشعب اليوم.

كما إن الثورة التي تراهن على التغيير السلمي لحكم

البلاد، من خلال الإنتخابات النيابية المبكرة، لن تكون لها الكلمة الفصل في تكوين المجلس النيابي الجديد. الأمر الذي سيُفقِدها كل مشروعيتها ويُسقط طروحاتها إلى أجلٍ بعيد.

من هنا، إن طرح الإنتخابات النيابية المبكرة لا بدّ أن يقترن بتعديل جذري في القانون الانتخابي الحالي، لجهة تصغير الدوائر فيه وإعادته الى النظام الأكثري، بدلاً من توسعة الدوائر في ظل النظام النسبي.

لأن إسقاط الإقطاع السياسي في البلد، وهيمنة المنظومة الحاكمة، يخشيان الدوائر الصغرى بالنظام الأكثري، ويترعرعان بنقيضه.

ولا يصحّ أن تمرّ الثورة بقمقم الدوائر الكبرى وفق النظام النسبي، لأنه معدّ لأن يسحقها. 

سيما وأن مفاصل حكم البلاد – السياسية

والأمنية والمالية – هي ممسوكة من 

المنظومة الحاكمة.

فحذارِ الوقوع في هذا الخطأ الاستراتيجي.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها