فرنسوا ضاهر

الأحد ٢٢ كانون الأول ٢٠١٩ - 08:44

المصدر: صوت لبنان

في مفهوم المنظومة الحاكمة

بدّ من توصيف ” الطبقة الحاكمة ” في لبنان بأنها ” منظومة ”
تبعاً للتكامل الواقع ما بين أطرافها بدءاً من السياسيين
مروراً برجالات مصرف لبنان
وصولاً الى إداريّي ومساهمي المصارف التجارية،
مع ما يستلزم ذلك من إتباع لها من مؤسسات أمنية وعسكرية
وإدارية وتعليمية وصناديق وجمعيات.

وقد تميّز عمل تلك المنظومة بأنها أوصلت البلد الى ما هو عليه
على كافة الصعد السياسية والخدماتية والاجتماعية والاقتصادية
والمالية والنقدية.

وان هذا الأداء الجماعي لتلك المنظومة
قد كان مصدراً وعلّةً وسبباً مباشراً لانطلاقة ثورة 17 تشرين الأول.

بحيث باتت تخشى تلك المنظومة سقوطها وانكشافها
وافتضاح فسادها ومصادرة مكتسبها غير المشروع
من الأموال العامة.

وما يسري على السياسيين يطال ايضاً المصرفيين.
بل إن ما يطال المصرفيين بات أشدّ إجراماً
من الذي يطال السياسيين، لأنهم استباحوا لنفسهم
وضع يدهم على أموال الناس ومدّخراتهم
التي أودعوهم إياها على سبيل الأمانة،
فقاموا بتبديدها، بفعل إقراضها الى دولة مبذّرة وهادرة،
وبدون أية ضمانة لردّها إليهم.

وان فعلهم الشائن هذا بات يشكّل جرماً جنائياً جماعياً،
إذ هو ينال من شعب بأكمله في استقراره العائلي
والمجتمعي، الذي قد يتطوّر الى فوضى عارمة
وفلتان وتفشٍّ للإجرام والسطو.

بحيث ان هذه الوضعية باتت تستلتزم إقرار آلية
لوضع اليد، على وجه السرعة، على الأموال الخاصة بهؤلاء السياسيين
والمصرفيين وعائلاتهم وأتباعهم في لبنان وخارجه،
ومصادرتها على التوّ، لمصلحة الخزينة، حتى تستوفي منها
المصارف، أموال المودعين التي كانت قد اقرضتها الى تلك الخزينة.

كما وان هذه المعادلة الجرمية التي استهدفت عن سابق تصوّر وتصميم
شعباً بأسره باتت تستوجب بحدّ ذاتها ثورة مضاعفة لثورة 17 تشرين الأول.
ثورة لا تستكين ولا تلين، ثورة لا يصحّ بعد اليوم قمعها ولا تعنيفها،
بل استيعابها بتأليف حكومة حيادية تمنح صلاحيات استثنائية
تعيد الى البلد ائتمانه وصدقيته تجاه العالميْن العربي والغربي.
حتى يمدّا يد العون اليه، فنجانب الأسوأ ونوقف الانهيار والتفلّت
ونعيد إطلاق الأمل والرجاء في نفسِ شعبٍ أخذته هذه المنظومة،
بكل مكوّناتها، الى الرمق الأخير.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها