عباس الحلبي

الأثنين ٤ أيار ٢٠٢٠ - 13:15

المصدر: صوت لبنان

كفوا عن السجالات وانصرفوا إلى العمل

من مفارقات هذا الزمان أن يقرر المفلس مصير الدائنين الذين موّلوه، في ظنّهم لضمان إستمرارية المرافق العامة وتأمين خدمات الدولة، بينما هو أي المدين كان يصرف جزءا” من الأموال على الخدمات في حدودها الدنيا والسيئة (الكهرباء والخدمات والحدود عناوين) والجزء الأكبر هدرا” وسمسرات وصفقات وتعهدات أدّت بالوضع إلى الإنهيار.

هذا ما استنتجته من “الحدث التاريخي” (بين مزدوجين) الذي أعلن عنه دولة الرئيس مفتخرا” في ظل دولار بأربعة ألاف ليرة لبنانية ويزيد. والأكثر إفتخارا” كان فخامة الرئيس، فبعد أربع سنوات على توليه سدّة المسؤولية، وهو الذي إنتظر تقريبا” عقدين من الزمن لبلوغ هدفه بالوصول إلى السلطة، فوصلها فارغ اليدين من أية خطة، بما يثبت المقولة أن السياسيين ليس لديهم برنامج حكم بل برنامج سلطة. 

أخشى أن تكون الخطة وصلت متأخرة، لأن تأخر الحكومة في إتخاذ أي إجراء طيلة ثلاثة أشهر فاقم الأوضاع المعيشية والإجتماعية للناس، فأيّ نفعٍ لخطةٍ سيأخذ تنفيذها سنوات وهي غير مضمونة النتائج والبلد على شفير الإحتراق ونماذج طرابلس وصيدا ناطقة. 

لا أعتقد أن الإجراءات المقترحة في كيفية مقاربة المشاكل المالية والنقدية والمصرفية هي المطلوبة لتأمين تدفق الأموال والإستثمارات مجددا” وهو أكثر ما يحتاجه لبنان اليوم بعد إنتهاء المكابرة بطلب الإستعانة من صندوق النقد الدولي ذلك أن إعادة هيكلة الدين العام والقطاع المصرفي ومصرف لبنان تشي برغبة الحكومة في وضع اليد على هذه القطاعات، والإطاحة بإستقلالية المصرف المركزي، وتهشيل المستثمرين في القطاع المصرفي، وضرب أصحاب المصارف والمساهمين فيها، وتشريد الآلاف من العائلات التي يعمل أبناؤها وبناتها في هذا القطاع كما بالتأكيد لن يعيد الثقة المفقودة، والأَوْلى العمل على إعادة هيكلة الدولة.  

إن الوصفة المقترحة هي وصفة بالية إعتمدتها دول وأنظمة منذ منتصف القرن الماضي ولم تفلح في تحقيق إزدهار لا في الإقتصاد ولا في معيشة المواطنين ولا فرص العمل. هو تأميم مقنع وتشفٍ لم يتنبّه له الوزراء التكنوكراط وبعضهم على علمنا جيء به لخبرته في هذه المجالات. كما أنه مناقض للدستور اللبناني والقوانين المعمول بها. 

ومَن سمع بالأمس جدول الوعود في إطار هذه الخطة ومقدار المبالغة في تسويقها لدى المواطنين لتكشّف له عدم صدقيتها ذلك كيف يمكن المواءَمة بين الوعود في إقرار قانون إستقلالية السلطة القضائية ووقف وعرقلة إصدار التشكيلات القضائية التي أعدّها مجلس القضاء الأعلى. وكيف يمكن الإعتماد على الأرقام الواردة فيها وبالأمس دحض بعضها وصحح بعضها الآخر الحاكم في إطلالته. وكيف يمكن التصديق بأن هذه الحكومة هي الصالحة لمحاربة الفساد ولا يزال الفساد مزدهرا” في قطاعات تحت نظرها وهي ساكتة عليها. 

وهل يُعاب على البطريرك التحذير من التشفي من رياض سلامة وكل يوم رئيس الحكومة يفتح جبهة جديدة ضد فئة وشريحة من المواطنين عوض أن ينصرف إلى العمل والإنقاذ. وهل هو مقتنع بما يقوله أم مدفوع إليه. ومنتهى التضليل أن يستظل بشعارات الإنتفاضة وأن يحمي الجهات السياسية التي عيَّنته ودعمته وإلقاء كل المسؤولية على الآخرين الذين يروج أنهم لا يدعونه ينتج لتغطيةِ الفشل. 

من يجيب عن هذه التساؤلات. فكفوا عن السجالات وانصرفوا إلى العمل.

تحية إلى العمال في عيدهم.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها