الأربعاء ١٢ آب ٢٠٢٠ - 18:11

المصدر: ليبانون ديبايت

لإعلان حالة طوارىء تراثية في بيروت!

أحدث انفجار مرفأ بيروت اضراراً لا تعد ولا تحصى، لكن من تداعيات الانفجار موضوع له علاقة عضوية بالحضارة والتراث والارث المعماري في بيروت، قد يكون مشروع اعادة اعمار وسط بيروت “سوليدير” قد ازال العديد من الابنية التراثية، لكن الشارع من مار مخايل مروراً بالجميزة وصولا الى ساحة الشهداء، هو من الشوارع القليلة المتبقية في بيروت الذي ما زال يحافظ على الهندسات المعمارية والتراكمات البنيوية لقرون من الزمن.

أدّى الانفجار الى تصدع العديد من الابنية، فضلاً عن بعض الانهيارات، والخوف اليوم ان يستغل البعض ملكيتهم الجديدة او القديمة لجرف ما تبقى من تلك الابنية المنهارة تمهيدا لبناء ناطحات سحاب في احد اهم الشوارع التاريخية الاقرب جغرافيا الى مرفأ بيروت، الخوف اليوم ان تزال ابنية وعمارات قد يعتبر البعض اعادة ترميمها بحاجة الى مبالغ مالية مرتفعة نسبيا، الخوف ان تخسر بيروت جزء من تاريخها نتيجة اهمال بعض المسؤولين وطمع بعض المتمولين.في الأساس الحكومات المتعاقبة في لبنان لم تعتبر يوماً الملف التراثي والثقافي ثروة سياحية يمكن الاستفادة منها، بل ركزت جهودها على واجهة بيروت البحرية، فأضحت بيروت هونغ كونغ في ابنيتها الحديثة التي لا تثير اهتمام السائح لانه يملك ناطحات سحاب تفوقها ارتفاعا، السائح يريد العودة الى التاريخ من خلال لوحات طبيعية تمتد لاميال، وقد لا تشفي القلاع والحصون المتناثرة على ارض الوطن غليله.مديرية الآثار ورغم عديدها المتواضع حاولت لا بل نجحت في محطات كثيرة من المحافظة على الآثار، لكن حجم الدمار الذي خلّفه الانفجار يحتاج الى اعلان المنطقة برمتها منطقة أثرية وان يتم التعامل معها على هذا الاساس، فالمنازل التي يحتاج ترميمها الى مبالغ صغيرة يمكن تأمينها محليا فلترمم فورا، بينما المنازل التي اضرارها جسيمة وتحتاج الى مبالغ ضخمة، نتوقع ان يصدر تقريرا مفصلا عن المديرية ليتم تأمين المبالغ من جمعيات ورجال اعمال عالميين يهتمون بالتراث، ولنا اتصالات مع عدد كبير منهم.واخيرا لانفجار بيروت دلالات سلبية كبيرة يمكن الاتعاظ منها، فهل من المسموح ابقاء مدن لبنان التراثية الكبرى دون حماية او حد ادنى من الامن التراثي؟ ماذا لو تعرضت مدن كبرى لاعمال ارهابية او تخريبية او لحوادث شبيهة بإنفجار بيروت، مثل مدن جبيل صور صيدا بعلبك مدينة طرابلس التي وحتى الساعة العديد من شوارعها لم تدرج على لوائح التراث.على مديرية الآثار اليوم مسؤولية مضاعفة للكشف على العديد من ابنية بيروت منعاً لهدمها، وعلى مدير عام وزارة الثقافة الاهتمام بالابنية التراثية لانها ثروة لبنان الدائمة، ومتى خسر الانسان تراثه وتاريخه يخسر هويته وبالتالي يخسر نفسه

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها