عباس الحلبي

الثلاثاء ٧ كانون الثاني ٢٠٢٠ - 07:27

المصدر: صوت لبنان

لا بُد لليل أن ينجلي

 في نظرةٍ متأنية على العام الذي انقضى منذ أيام غير مأسوف عليه، تتزاحمُ المشاهد المأسوية على كلِّ الصعد السياسية والإقتصادية والمالية والنقدية وأثرها على الحالة الإجتماعية في البلاد.

الأدهى في هذا المشهد أن أولياء الأمر في البلاد يغيبون عن أية معالجة جدّية للأمور الداهمة التي يعاني منها اللبنانيون. صحيحٌ أنَّ البلد متروك لحاله يتخبَّط بمشاكله وهذا ليس بجديد والناس والمؤسسات متروكة إلى قدرِها. أليسَت المسؤولية تقضي بالمحاسبة الجزائية للمقصّرين المرتكبين، على أقل تقدير بِجرم عدم نجدة اللبنانيين الموجودين في حالة الخطر. 

لم تخلُ السنة من أمل تحقق وإن كان لها مِن فضل فلأنه يجب ألاّ نستهين بحراكِ اللبنانيين إذ عشنا مرحلة كنا ظننا فيها أن السياسيين نجحوا في تكريس الإنقسام على قاعدةِ المحسوبية والزبائنية وانهم محاصَرون في المربَّعات المذهبية والطائفية والحزبية حتى باتَ بعض الصحافيين والكتّاب يتحدثون عن الشعوب اللبنانية وليس الشعب اللبناني. إذ بهذا الحراك جاءَ ليثبت مرةً جديدة كما في مراحل سابقة من تاريخِ لبنان المعاصر بأنهم ليسوا شعوبا” متناحرة بل هم واحد في مواجهةِ مشاكله. فالحراك أثبَتَ أن لقمةَ العيش والمعالجة في الطب والإستشفاء والحق بالتربية وتأمين فرص العمل وضمان بقاء الجيل الجديد في بلده ومعرفة مصير المال العام المنهوب وإستعادته هي مطالب أجمعوا عليها. كما انهم أجمعوا على معرفة الأسباب التي أدَّت ببلدِنا إلى حالةِ الإنهيار الإقتصادي والمالي ولماذا لبنان مدين بحوالي مئةِ مليار دولار وعلى ماذا صُرِفَت خصوصا” عندما يعاينون وضع البنى التحتية والخدمات فيجدونها غير متوفرة أو بحالة من السوء غير مسبوقة.

دهاءُ الطبقة السياسية يسعى إلى محاولة صرف الأنظار عن المطالب الموجهة ضدها فتحاول أوساطها تسخيفَ التحرّك أو تطييفه أو اللعب بلعبةِ الوقت حتى تتلاشى الإنتفاضة وإبراز الأزمة وكأنها نزاعٌ بين المصارفِ وزبائنها. ولكن الجميع يعرِف مَن عَبَثَ بثروة اللبنانيين ومَن الذي فاقمها بِحَيث لَم يعُد قطاع واحد يعمَل إلى أن وَصَلَ الأمر إلى ضرب الثقة بالقطاع المصرفي وبمصرفِ لبنان وهما آخر حصونِ الدفاع الإقتصادي عن البلد وتأمين إستمراره ورفاهه وإمكان إعادةِ بنائِه. 

قضايا بغاية السلبية تقابلها قضية إيجابية واحدة تمَظهَرَت بوحدة اللبنانيين في مطالبهم وأولى بشائرها إفشال التمديد لِشَرِكتي الخليوي.

لكننا بالمقابل كنا نأمل بأن نرى مذكرات التوقيف وإلقاءِ القبض على المسؤولين الفاسدين والفاشلين وليسَ على المناضل الطلابي والأستاذ الجامعي والناشط الثقافي والباحث العلمي الدكتور عصام خليفة. فَتحية تضامن له. 

لذلك، وبالرغم من كل شيء علينا التفاؤل بأنَّ عام مئوية لبنان 2020 ستحمل الفرح إذ لا بدَّ لهذا الليل أن ينجلي وان الصفحة البشعة التي خلفها المسؤولون الفاشلون ستطوى وإن كانت أحداث مطلع السنة في الإقليم لا تبشّر كثيرا” بالسلامة.  

كل عام و 2020 بخير على جميعِ اللبنانيين.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها