عباس الحلبي

الأثنين ٤ تشرين الثاني ٢٠١٩ - 08:09

المصدر: صوت لبنان

لا تقتلوا ربيع شباب لبنان

ما هو هذا الجيل الجديد الذي نشعر تجاهه بغربة. لا نعرفه ولكن الحراك جَعَلنا نكتشفَه. 

وكيف لهذه النخبة الحاكمة أن تتعاطى معه وهي تنتمي إلى عصور غابرة بعقليتها الإقطاعية والزبائنية والمحسوبية. 

الشعب اللبناني شعب شاب بناته وشبانه ينتمون إلى المستقبل بينما حكّامه ينتمون إلى التاريخ.

مأزق لبنان هنا. مجموعةٌ حاكمة جمعتها مصالحها، قدَّمت نفسها بوعودٍ واهية ونسَجَت بين أعضائها مصالحَ مشتركة. يدافعُ فيها الفاسد عن زميله الفاسد. يلجأ إلى الطائفة لحمايته من المطالبات. 

يتسلَّح بأنه ليس الوحيد ليكون كبش فداء عِوَضَ أن يُقر كل منهم بِما كسبَت يداه من مال الناس بدون وجهِ حق لو كانت المحاسبة والمساءلة هي القاعدة.

شبانه وشاباته يعانون من دفع الأقساط للتعلّم وكثيرا” ما تلجأ العائلات إلى بيع أملاكها لضمان أحسن العلم لأولادها. 

يقفون على أبواب المستشفيات فإن لَم يكن مدعوما” ببطاقة، لا مكان له للإستشفاء. يكبرون وهم عاجزون عن إيجاد فرصة عمل تعطيهم مقعدا” في المجتمع وأملا” في المستقبل أو لِتكوين عائلة تحت سقفٍ يأويها.

يلجأون إلى السفارات فتمرغ كراماتهم قبل حصولِ أيّ منهم على تأشيرة إن لإستكمال الإختصاص أو للبحث عن فرصة عمل حتى ولو كانت في محطات المحروقات في بلاد الإنتشار. 

وفي الإدارات العامة وسائر أجهزة الدولة الأولوية لِمَن هم من الأتباع. تأتي اللوائح في التعيينات على ذمة الزعماء. فَمَن يتباهى بأنه من الأتباع المقرَّبين يتصدَّر المراسيم والقرارات حتى لأضحَت الإدارة زريبة للأزلام في كثيرٍ من الأحيان.

يخدمون من مواقعهم أرباب نعمتهم ويجعلون من الدوائر إقطاعات للمذاهب والأحزاب. لا يؤخَذ حق إلاّ إذا كان مشهودا” له بالتبعية والإستزلام. أما أصحاب الحقوق فإلى رب العالمين يلجأون. 

وتريدون ألاّ يثور شباب لبنان على هذا الواقع الأليم؟ 

تريدون منهم أن يبقوا مستكينين وهم بكبسة زر يدخلون إلى العالم الأوسع الرحب ويرون كيف تُساس بلدان العالم وهم قابعين في هذه الدوّامة من الفساد والافساد.    

شبان وشابات لبنان عبَّروا بتحرّكهم عن حضارة فوجئنا بها بيَّنَت أنهم هم لا غيرهم حاملو إرث لبنان الحضاري في قبولهم للإختلاف وإحترامهم للإنتماءات والتوجهات على أنواعها. 

صحيحٌ أن البعض منهم يجانب الواقعية ولكن لا يطلب من الحالمين والمستَفَزين بالممارسات أن يكونوا غير ذلك. 

عنوان تحرّكهم ثورة حضارية ضد الهمجيّة ورائدهم أللا عنف ضد البلطجية. 

أيها الحكّام لا تقتلوا ربيع شباب لبنان. 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها