عباس الحلبي

الأثنين ٣٠ آذار ٢٠٢٠ - 08:02

المصدر: صوت لبنان

ماذا ننتظر؟

عندما كنا نحتفل بعيد البشارة في 25 آذار من كل عام كنا ننظر إلى هذا العيد أنه من المناسبات القليلة التي نجح أهل الحوار في جعلها مناسبة وطنية إسلامية مسيحية جامعة في بلد تعوزه المناسبات الوطنية الجامعة. إلا أننا اكتشفنا منذ 17 تشرين الأول الماضي أن قضايا كثيرة تجمع اللبنانيين ولم يكن أحد يتحدث عنها لان الوسائل لم تكن متاحة إلى أن انفجر الغضب الشعبي والاحتقان الجماهيري على ما آلت إليه أحوال البلاد فانكسرت الحواجز وأعلن الجميع بصوت واحد أننا واحد تجاه قضايا المعيشة والكرامة والحقوق والمطالبة ببناء الدولة. 

اليوم في الوقت الذي يسعى الناس وراء ما تبقى من رزقهم جاءهم الوباء فأقعد الجميع عن السعي والاكراه على التزام المنازل. ما هو هذا الجيل الذي نحن منه أمضى حياته في مواجهة المشاكل ومحاولة حلها والأدهى العجز عن حلها إلى أن تراكمت فأصبحت عصية على الحل. كنا في دوامة الحرب والتدخلات الخارجية والارتهانات للقوى الإقليمية والسلاح والمواجهات الداخلية. كنا في الوفاق الذي تبينت هشاشته فسقط في المربعات الطائفية والمذهبية والحزبية. مافيا في الحكم وهي شركة مساهمة لبنانية وكيلة لقوى خارجية تمدها بكل الوسائل للسيطرة. سرقت أموال الناس ادعت أن المصارف أضاعتها وهي اليوم تلبس ثوب الحمل في محاولة لتطمين المودعين. طالب الناس بحكومة من مستقلين فجاؤوا بمجموعة لا شك فيها بعض الكفاءات ولكنها عاجزة عن وضع تصور أو اقتراح حل أو خطة.  او انجاز تشكيلات او اقرار تعيينات.

وها نحن اليوم في عز المحنة الاقتصادية والمالية نواجه كابوس الوباء. جيلنا فعلاً بيّض الوجه لأنه جرب كل المجرب ولم يترك أحد يعتب عليه. حوّل الوباءُ الحياةَ إلى سكوت والنشاطَ إلى شبه العدم. هو أمر واجب التزام المنازل والاستفادة من العودة إلى الذات. 

بتفقد الأصدقاء تجد أن الجميع مشغول بالغد. ماذا بعد عندما تنحسر الأزمة وينحسر الوباء وما هي المشاكل التي سنواجهها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً خصوصاً في لبنان. 

بالفعل إن الدنيا وجوه وأعتاب. ألا يتحمل اللبنانيون جزءاً من المسؤولية في خياراتهم السياسية التي أقعدتنا في السكوت؟ ألم يكن رئيسا الجامعتين على حق عندما قالا لو اتينا بحكومة مستقلين لكانت انجزت ولكنها ليست كذلك: حكومة اقل من عادية لظروف غير عادية. فماذا ينتظر؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها