عباس الحلبي

الأثنين ٣١ آب ٢٠٢٠ - 11:58

المصدر: صوت لبنان

ماكرون ينقذ لبنان من سوء ممارسة أهل السلطة

عشية مئوية إعلان دولة لبنان الكبير تتزاحم الأفكار حول ما تَبَقَّى من القِيَم التي قامَت عليها هذه الدولة والصيغة اللبنانية القائمة على الشراكة المسيحية الإسلامية.

بعد مئة عام فَشلَ اللبنانيون ببناءِ دولة عصرية تعمل مؤسساتها الدستورية بإنتظام وفقَ آليات الحكم التي نصَّ عليها الدستور. 

ولعلَّ لبنان مِن أوائل الدول في العالم الذي حظي بدستور بالمعنى الحديث، حيث نصَّ على إقامة جمهورية بنظام ديمقراطي وعلى تداول السلطة وعلى الحكم وفق قواعد المحاسبة والمساءلة وتوازن المؤسسات. وما التعديلات التي تمَّ إدخالها لاحقاً على أحكامه إلاّ في سبيل تحديث بعض الآليات. 

المحطة المهمة في هذه الإحتفالية التي تحل في جو حزين هي مشاركة الرئيس الفرنسي بها مع تبدل في الادوار، وبالفعل مثل الجنرال غورو الدولة المنتدبة في تلك المحطة بينما الرئيس الفرنسي يمثل اليوم الدولة المنقذة للبنان من سوء ممارسة اهل السلطة في محاولة اخيرة لردعهم عن اغراق البلد في الفوضى والفشل وبالتالي الزوال على ما قال وزير الخارجية الفرنسية .

اليوم ايضاً ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر. ذكرى أليمة هي في وجدان اللبنانيين المحبّين منهم لِتُراثٍ عريقٍ في حفظِ لبنان والدفاع عن سيادته وحرّيته وإستقلاله وتعزيز روابط أهله والعيش الواحد بين بنيه.

تراثُ الإمام ينضح بإعلاءِ الصوت لِتوفير العدالة بين الناس وتكافؤ الفرص ولَم يرَ في لبنان إلاّ رسالة للإنسان وللحضارة وللحرية والقِيَم وهو لذلك لَم يوفّر جهداً لحفظه بتنوّعِه وغِناه المعنوي بتلاونيه المختلفة التي تطمح للتكامل، وهذه هي القيم التي قامت عليها فكرة دولة لبنان الكبير.

لقد جاهَدَ الإمام من أجلِ الفقراء والمحرومين والمُستضْعَفين ودعا إلى الحق ونادى بالكرامة الإنسانية وسعى إلى رفضِ الصنمية، صنم المال والجاه والنزاعات القبلية والأنانيات والإندفاعات الخاطئة بحجة الكرامات وليست هناك من كرامات أمام الحق.

فليسمع جيداً أهل السلطة.

كان مؤمناً بأنَّ إسرائيل دولة عنصرية لذلك وَصَفَها بأنها شرٌ مطلق وكان يريد لبنان صخرة تتحطم عليها مطامع الصهيونية. في المقابل كان يعتبر أنَّ لبنان الوطن النهائي هو لجميعِ أبنائه عربيّ الهوية والإنتماء ويدعو اللبنانيين ألاّ يقبلوا بأيّ وطن بديل أو تنازل عن وطنهم وأرضهم وسيادتهم وكانت أمنيته تحويل النظام الطائفي في لبنان إلى نظامٍ ديمقراطي يعتمد على الكفاءات. 

في نظرةٍ إلى الواقع الراهن كم نجد أنَّ لبنان بعيدٌ عن هذه القِيَم والمفاهيم التي نادى بها والتي كانت مكرسة في إعلان دولة لبنان الكبير، وكَم من الممارسات والمواقف تتعارض بصورة جذرية مع ما علَّمه على مدى سنوات وكَم أنَّ لبنان أصبح كرة تتقاذفها الدول نتيجةَ الفساد المستشري وتقديم مصالح الخارج على المصلحة الوطنية. 

لَو بَقِيَ الإمام لَما كانت الكثير مِن المشاهدات قائمة لأنه كان بِما له مِن حضور وفعالية موجهاً ومرشداً بِما تجاوز طائفته ليصبح عنصراً جامعاً بين اللبنانيين. 

تَحية لذكراه وأتوقّف في الختام عند وصيته إلى اللبنانيين ” إحفظوا وطنكم قبل أن تجدوه في مزابل التاريخ” 

وهذه هي إيضاً رسالة الرئيس مكرون، لعلَّ مِن اللبنانيين مَن يسمع لإنقاذ لبنان الدولة والوجود والدور.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها