أنطوان صفير

السبت ١١ كانون الثاني ٢٠٢٠ - 08:07

المصدر: صوت لبنان

مصالح جامدة وقلوب حَيَّة

منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام الفائت وحتى تاريخه،
لم تزل الأحوال اللبنانية ساحة لا بل ساحات مفتوحة للمطالبات المُحقة الآتية من الأوجاع، وللأزمات المُستفحلة،
وللمشاحنات السياسية المستمرة.
والخسارةُ فادحةٌ في الإقتصاد الوطني،
والأوضاع الإجتماعية والسبل الحياتية، وقطاعات العمال والموظفين،
فتساوى من يمتلك مالاً مع من لا يمتلك،
بعدما إمتنعت المصارف عن إعطاء ما للمودعين من حقوق كرّسها الدستور والقوانين والأنظمة والعقود،
وأمعنت في إغفال الحقوق تحت ذرائع واهيّة، بينما تناهى الى الإعلام والرأي العام عن تحويلات قد حصلت بمبالغ ضخمة…..
طبعاً دون تحديد المسؤوليات والجهات، وطبعاً دون مساءلة من أي نوع!
ونتساءله عن حق : هل أنَّ القانون وُجدَ ليطبّق على الضعفاء ،أم أنّ الدستور والشرائع الدولية قد كرَّست مبدأ المساواة؟ّ!
هل من العدل والإعتدال أن توضع سقوف للسحوبات دون قانون يُنظم ذلك؟
هل من المنطق أن نبقى أسرى البزنس السياسي ،والتحالف المستمر بين بعض أهل السلطة وبعض أهل المال ومنذ عقود؟
أمّا الحكومة فأضحى إنتظارها مقيتاً ومملاً،
لأنَّ التأجيل والتسويف قد أضحى ثقيلاً ومكلفاً،
ولا من يسأل ولا من يجيب!
وإذا تحركت مطالبات، إعتبرت غوغائيّة،
وإذا سكت أهل الحق، ظنَّ أهل الباطل أنَّ أيامهم مستمرة ،وأنّهم على حق.
أنها التراجيديا اللبنانية التي بدأت فعلياً تحوّل جيلاً جديداً الى طالبي هجرة،
وقد كتبت على مدونتي عبر التويتر منذ يومين :
“أخاف من أن نتحول الى جمهوريّة متقاعدين أو متعاقدين غب الطلب، شبابها الى الهجرة وأدمغتها ممنوعة”.
نعم، نتطلع الى الحكومة التي لم تستخرج بعد وربما لن تستخرج،
وقد رأينا أسماء مقترحة للحكومة… وخارج التصنيفات الشخصيّة والمهنيّة والسياسية،
أسأل مع المتسائلين :
هل أنّه مكتوب على شباب لبنان أن يبقوا أسرى الأسماء عينها،
والممارسات نفسها،
والذهنية ذاتها؟
فلا تكافؤ فرص بل إقتناص فرص أرباح ومواقع!
نعم، اننا نمر بفترة عصيبة مع إنقطاع مواد أساسية،
وشح في الرواتب ، وصعود مريب لسعر الصرف،

…..ولكن الأمل يستوطن القلوب والضمائر.

سيقوم لبنان من كبوته بعدما نحرر ذاتنا بذاتنا من التبعية والغرائزيّة والإنتمائيّة الرخيصة، ونعمل لدولة تحترم الإنسان والتعدديّة، وتوازن في الشوؤن الإقتصادية والأجتماعية،

كفانا مصالح جامدة بقلوب باردة تجنحُ بنا نحو الهاوية ،
وسلاحنا الأمضى قلوب حيّة هي التي ستبنى لبنان الآخر الحرّ.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها