الأب د. نجيب بعقليني

السبت ٣٠ أيار ٢٠٢٠ - 11:18

المصدر: صوت لبنان

نستجديكِ يا عنصرة : فأينَ عنصرتنا؟!

تحتفل ليتورجيّة الكنيسة، بعد الاحتفال بقيامة الرَّب يسوع، من بين الأموات، بأحد العنصرة، أيّ حلول الرُّوح القُدُس على التّلاميذ مع العذراء مريم، في العليّة، مجتمعين معًا للصَّلاة. “وكان جماعة الَّذين آمنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة” (أع ٤: ٣٢). وبينما هم في حالةٍ من الصَّلاة والتَّعاضد، حلّ الرُّوح القُدُس المعزّي، الَّذي أعطاهم ووهَبَهم القوّة والحكمة، والفَهم والقُدرة، والشّجاعة من أجل نشر كلمة الله وعيشها بإيمانٍ ومحبّةٍ ورجاءٍ، متحدّين الصِّعاب والمشقّات والآلام وحتّى الموت، باتّكالهم على الوحدة والتَّضامن والمحبّة في ما بينهم، وعمل الرُّوح القُدُس وفاعليّته، وقدرته الإلهيّة، نازعين منهم الحزن والخوف واليأس والاكتئاب، بعد صعود سيّد الحياة نحو أبيه السماويّ.

ونحن اليوم، في هذه الظروف العصيبة والقاسية، الَّتي يمّر بها العالم، ننتظر عنصرةً جديدةً ومتجدّدةً، لأنّنا نعيش في حالةٍ من الخوف واليأس والاضطراب على جميع الصُّعُد

لنتمسك بالصَّلاة، كي تحلّ علينا مواهب الرُّوح القُدُس، الواهبة النِعَم والعطايا والقوّة، كي نواجه الصِّعاب والأزمات والمصائب، بإيمانٍ ورجاءٍ، لا سيّما أنّنا نؤمن بقدرة الرَّب يسوع الخلاصيّة.

شدّدعزيمتناوقوّتناعلىاحتمالكلّمايعيقمسيرتناالخلاصيّة.

هَبنا الشَّجاعة والصَّبر، واطرد عنّا اليأس والخوف والقنوط والاكتئاب. إرفع يا ربّ قلوبنا وضمائرنا نحوك. ثبّتنا في الإيمان القويم والرّاسخ والنّاضج.

خفّف من آلامنا وجراحنا، كي نواجه ضعفنا البشريّ، برحمتك وعفوك.

أرشدنا إلى الطّريق الصّحيح الَّذي يقودنا نحوكَ. أَنِرنا في حيرتنا وشكّنا،تُرسِل روحَكَ فتخلِق، وتجدِّد وجه الله” (مز ١٠٤ ؛ ٣٠ ) أَشعل فينا روح الحكمة والرؤية والنبؤة، (“إنّي أُفيض من روحي عليكم في تلك الأيّام، فيتنبّأ بنوكم وبناتكم” (رسل 2: ١٧) وروح القوّة والشّجاعة، روح التكلّم بالحقيقة والحقّأُرسل إليكم روح الحقّ […] ويرشدكم إلى الحقّ كلّه“.

فجّر فينا يا ربّ ماء الحياة، الَّتي تقدّس وتطهّر، وتروي عطشنا للحريّة والتخلّص من الخطيئة، والضّعف والشَّر والرذيلة. اشفنا من أنانيّتنا، وطّد الرَّجاء في قلوبنا، اسكُب العزاء، غيّر وبدّل حياتنا.

هبنا القدرة على امتلاك لغّة القلب، لغّة المحبّة والمسامحة، وذلك بحماسةٍ واندفاعٍ، من أجل نقل البشارة وعيشها. أَلَسنارسلالبشارةالجّديدةبالإنجيل؟

لنترك الرُّوح يقودنا نحو الآب، الَّذي حررّنا من عبوديّة الخطيئة، لنكون أبناء الله الأحرار. يقول القدّيس أثناسيوسإنّنا بالرُّوح نصير في الله، وبالتَّالي نصير متّحدين بعضنا مع بعض في الله“. أَلا يذكّرنا الرُّوح القُدُس بتعاليم المسيح، كي نطبّقها، من أجل عيش ونشر الحبّ والمسامحة والغفران، طالبين التنعّم بالحياة، لا سيّما الحياة الأبدية. يقول القدّيس أمبروسيوس: “حيث يوجد الرُّوح القُدُس توجد الحياة الأبدية، وحيث تكون الحياة فهناك يكون الرُّوح القُدُس“. الرُّوح يعطي الحياة، يسعى ليقرّبنا إلى محبّة الثالوث المُعطية الحياة.

إنّنا نستجديك يا ربّ واهب النِعَم، إنّنا نستجديك يا مخلّص العالم، وواهب الرَّجاء والحياة. تعالَنصرخ إليكَتعال وانقذناتعالنستجدي حضوركَ المُحيينستجدي حبّك ورحمتكَ

شكرًا ربّنا

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها