خالد حمادة

الثلاثاء ٢١ نيسان ٢٠٢٠ - 07:57

المصدر: صوت لبنان

هل تسمح فوبيا الطائف برسم السياسات؟

خسر رئيسا الجمهورية والحكومة معركتهما مع القطاع المصرفي وسقطت الركيزة الأساس للخطة الحكومية الإصلاحية. بيان كتلة التنمية والتحرير الأخير، برئاسة الرئيس نبيه بري، الذي أكّد الرفض المطلق لأيّة خطط أو برامج قد تستهدف خلافاً للقانون والدستور ودائع اللبنانيين، وتصريح رئيس جمعية المصارف سليم صفير: «سيولة المصارف لدى مصرف لبنان والدولة استعملتها لحاجاتها، فعندما تعيد الدولة الأموال للمركزي تتوفر لدى المصارف السيولة»، أعادا رئيسي الجمهورية والحكومة الى المربع الأول، وعليه أصبح ما ورد في كلمة الرئيس حسان دياب الأخيرة عن نسبة 98% من اللبنانيين الذين لن تتأثر ودائعهم، خارج السياق ودون أي مغزى.
ليس هناك ما يوحي بأنّ الحكومة، المجتمعة دائماً وأبداً برئاسة رئيس الجمهورية، قادرة على طرح خطة اقتصادية ترتكز على مكافحة الفساد والهدر في الجمارك والكهرباء والتي أضحت ممراً إلزامياً للدعم الدولي. هذه الملفات لن يجرؤ أحد على تناولها لأنها أضحت ملفات إقليمية تتصل بتمويل الحرب في سوريا، بدءاً من النظام نفسه وليس انتهاءً بالميليشيات التي تقاتل الى جانبه. وقد يكون اتّهام وكالة الأنباء الفدرالية الروسية لرئيس الوزراء في حكومة النظام عماد خميس بجمع ملايين الدولارات التي تذهب إلى جيوب المسؤولين السوريين من خلال تصدير الكهرباء إلى لبنان، دليلاً قوياً على تحوّل ملف الكهرباء في لبنان بعد ملف التهريب ملفاً إقليمياً ودخول الاقتصاد اللبناني حالة العرقنة.
إنّ الواقعية التي تمليها الحوكمة الرديئة التي يعانيها لبنان تملي بل تفرض علينا أن لا نضع أنفسنا في مصاف الدول المنكبّة على رسم سياسات بعيدة المدى لما بعد كورونا، وإجراء إصلاحات جذرية  اقتصادية واجتماعية لامتصاص الصدمات في المستقبل. ولا نعتقد في الوقت عينه أنّ الحكومة والعهد برمّته الغارقَين في زواريب التعيينات والمحاصصة والمأخوذَين بفكرة تقليص القطاع المصرفي ومصادرة أموال المودعين، قادران على وضع رؤية لإعادة إطلاق الاقتصاد والتخفيف من البطالة المدمرة.
ربما تجدر الإشارة إلى تحذير منظّمة الصليب الأحمر الدولي من عواقب وخيمة في الدول غير المحصّنة في منطقة الشرق الأوسط، ومنها سوريا واليمن وفلسطين والأردن والعراق وإيران ولبنان، وإمكانية تعرضها لاضطرابات اجتماعية وسياسية عنيفة كردّة فعل على رداءة تعاطي حكوماتها مع الأزمات بما فيها أزمة كورونا. وأضافت المنظمة أنّ هذه الدول التي دمرتها الحوكمة السيئة والفساد والإيديولوجيات المتطرفة، أو تلك المتورطة في النزاعات ليست وحدها في منطقة الخطر، لكن قصر النظر الذي يفسد أنظمتها ينذر بتحوّلها إلى دول فاشلة بفضل سياسيين أعمتهم الغطرسة أو الجشع أو كليهما – كما هو الحال في لبنان. فأي سياسة للبنان يريد رئيس العهد القوي وحكومته إعادة انتاجها؟
أ –  كيف يمكن لإدارة سياسية ان تكون بمستوى رسم سياسة عامة للبنان وهي لا تقرأ الركود الاقتصادي العالمي الذي يُلزم مجموعات الدول الصناعية ومجلس التعاون الخليجي وحتى الإتّحاد الأوروبي بتعديل الأولويات وأنماط الإنتاج لديها مما يجعل مساعدتها لدول متعثّرة كلبنان متعذّرة، وتصرّ في الوقت عينه على مصادرة ثروات اللبنانيين التي لا يمكن تعويضها؟
ب – هل الإصرار على السطو على المدخرات التي لا يمكن تعويضها ووضع اليد على القطاع المصرفي يهدف الى تعميم نسخة من البنك اللبناني الكندي وبنك الجمال على المصارف اللبنانية لاستكمال عرقنة الاقتصاد؟
جـ – أي لبنان يريده هذا العهد وما هي السياسات التي تبدو قوى الحكم مأخوذة بانتاجها سوى إطالة أمد التعبئة العامة لتجنب المواجهة مع التحركات الشعبية المرتقبة والتي بدأت طلائعها في أكثر من ساحة في لبنان؟ وهل ستعتمد الدراجات النارية والخطابات المذهبية التي سبق واستخدمت لوقف حراك الشارع؟
د – ألا يدعو كل ذلك الى التوقف عن اجترار الذات وإنتاج الأحقاد ومراجعة الأفكار المتطرفة والتحالفات التي بنيّت عليها مع كلّ من سوريا وإيران الملزمتان بإعادة تقييم دورهما في ضوء المتغيرات في النظام الدولي، أم علينا انتظار المعادلات الجديدة التي على قارعة الطريق؟
هـ – هل يستطيع رئيس الجمهورية إخراج فوبيا المبارزات الميدانية التي سبقت التوصل لاتفاق الطائف من دائرة الشخصنة، والتخلّص من العبء التاريخي الذي يلقيه على نفسه لمحاكمة مرحلة من تاريخ لبنان لإعادة الاعتبار لمعادلة سياسية وطائفية بائدة ذهبت الى غير رجعة؟
وبهذا المعنى، هل يتحوّل سدّ بسري الى نموذج لمعالجات سياسية يجب أن تتوقف لعدم جدواها وليس إلى محاور ميدانية تعوّض عن فوزٍ تعذّر نيله سابقاً؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها