سمير سكاف

الأثنين ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٠ - 09:00

المصدر: صوت لبنان

هل يرهن اللبنانيون أولادهم؟

قام أمير جبل لبنان، الأمير حيدر الشهابي في العام 1712، برهن ابنه أحمد، وقام العديد من أركان حكمه من أمراء لمعيين ومشايخ جنبلاط ويزبكيين وبني تلحوق وبني عبد الملك وبني عماد.. برهن أولادهم لدى والي صيدا عثمان باشا بعدما انكسر الأمير حيدر على عشرين ألف قرش! فاحتفظ عثمان باشا بالأولاد سنتين في صيدا ثم سبع سنوات في البصره (التي صادفوا فيها مشقة عظيمة)، قبل أن يدفع الأمير حيدر ما عليه ويسترد الأولاد!

هل يتعظ اللبنانيون من تاريخهم؟وهل ساءت الأحوال في لبنان اليوم الى حد تكرار مأساة رهن الشعب لأولاده، بعيداً عن أولاد الطبقة السياسية القادرة على حماية أولادها؟ هذه الطبقة السياسية، التي رهنت حاضر اللبنانيين بسرقة ثروات لبنان، وبسرقة جنى عمرهم من خزينة الدولة ومن المصارف. وهي التي تسعى لرهن ثروات لبنان النفطية، لزيادة ثرواتها الشخصية. هذه الطبقة السياسية التي حولت 30 مليار دولار من أموالها وأموال أصدقائها من مصرفيين ورجال أعمال الى الخارج العام الماضي، من دون علم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو وزير المالية أو حاكم مصرف لبنان!!! هذه الطبقة السياسية هي نفسها المسؤولة عن قتل 202 من ضحايا تفجيرها للمرفأ جرمياً أو بسبب الإهمال الجرمي، وهي نفسها تعد بحكومات الخروج من المصيبة! في حين أنها هي نفسها مصيبة لبنان!!

تشتهي سفن الناس في الواقع عدم رفع الدعم عن السلع الأساسية من طحين ودواء ومحروقات. ولكن رياح أهل السلطة تجري بعكس تمنياتهم. واحتياط مصرف لبنان يصل الى الحضيض، ورفع الدعم لن يكون خياراً عما قريب! وكثير من اللبنانيين يعتقدون أن حالة الانكار التي يعيشونها هي أمل بمستقبل أفضل، ليس له أي أساس لا في علم الاقتصاد، ولا في الصندوق الدولي، ولا في المساعدات الخليجية المستحيلة… وقد يرتبط هذا الأمل فقط بأعجوبة ممكنة اذا استجاب الله لصلواتهم، بشفاعة سيدة لبنان وقديسيه، من شربل ورفقا والحرديني… أما الحالة الشيطانية الممسكة برقاب اللبنانيين، فهي ما تزال متجذرة في قسم من جمهورها الطائفي. والنتيجة إعدام فردي وجماعي من السلطة، وإنتحار جماعي للشعب!

الأمل بالحل ضعيف، ولكنه موجود. وهو موجود فقط في قلوب اللبنانيين، الذين يمكنهم أن يأخذوا جميعاً قرار التغيير! ولا يمكن البحث عن هذا الأمل في مبادرة فرنسية ولا في نتيجة تفاوض أميركي-ايراني لاحق للانتخابات الرئاسية الاميركية، ولا في حكومات وفاق وطني أياً يكن رئيسها.

يحتاج اللبنانيون بقوة الى “رفع الدعم” عن السلعة التي يحتاجونها الأقل وهي أهل السلطة. ورفع الدعم يجب أن يكون من كل الناس، من الاعلام، من الجيش، ومن القيمين على السياسة الدولية. ولكن المؤسف أن هذه السلطة التي بددت لبنان على طاولة روليت مصالحها، والتي “عومتها” المبادرة الفرنسية تحتاج لأن ترهن أولاد اللبنانيين. ولا قدرة، ولا رغبة لديها لكي تفاوض على فك رهنهم. وأياً يكن المفاوض اللبناني، فالمفاوض الآخر هو القيّم على … جهنم!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها