أنطوان صفير

الجمعة ١٣ آذار ٢٠٢٠ - 12:25

المصدر: صوت لبنان

وخلصنا من الوباء السياسي

اللهم يا فاحص القلوب، 

أتوجّه الى عليائك، أنا المواطن اللبناني في زمن الخوف من الوباء ونتائجه، 

وبكل مسؤولية وموضوعية، أحاول استطلاع زمانٍ سياسي موبوء منذ عقود،

قد أبلانا بخفته وتسويفه وتقصيره وأحلامه الضيقة، 

فنهبت ثروات أجيال ثلاث. 

وضاق بنا الزمان يا سيدي، 

فلم نعد نحتمل فلسفة التكاذب،

والتخاطب الممل، 

والتراشق المقيت. 

أنزلوا بنا منذ التسعينات وحتى تاريخه كل الوبال، 

فجنّسوا أيّا كان ،

ورخّصوا لجامعات والتزامات وتنفيعات،

ورضخوا،

وقيدوا،

واستدانوا الى ما شاء الله،

وصرفوا دون حساب، 

وتصرفوا بمستقبلنا وبأموالنا، 

وقهروا،

وتمادوا،

وغيبوا …. 

حتى بتنا لا نعرف الجمهوريّة التي أسسها آباؤنا، 

بعد نضال دام قروناً وتضحيات لامست الشهادة والإستشهاد.

وقد أمطرونا يا سيدي، يا فاحص كل القلوب وكاشف كل النوايا،

بوابل من التحف السياسية والنظريات الفضاضة والخطط الحمقاء، 

وأغرقونا بالوعود الكاذبة وبالأحلام الضائعة وبالمشاريع التي لا طائل منها، 

سوى الاغتناء من مال العام ومن المال العام ومن المال الخاص.

وأوهمونا بدولة، قيل أنها دولة قانون لم نَرَ منها إلا العنوان،

وبنظام متكافئ، فحصدنا الأوهام والأوهان.

أتحفونا بوجوه شاحبة وشعارات بائدة وقيادات أقل من عادية،

في زمن رديء صعب، يقتضي معه وفيه شخصيات على مستوى التضحيات والآلام والآمال.

يا فاحص القلوب،

أنت أنت وحدك عالمٌ بأوجاعنا الجسديّة والروحيّة والنفسيّة،

أنت أنت مدركٌ، لخطايانا وأخطائنا تجاه ذاتنا وبعضنا ووطننا وأجيالنا،

اذ أقترعنا دون أن نختار، 

وصوتّنا بدل أن ننتخب،

فأظهرنا بيدنا طبقة من جماعة “البزنس” السياسي تحلم بأملاك لم ترثها من تعب الأجداد، 

بل من قهر المواطنين الشرفاء. 

فتدهورت العملة الوطنية، وأنحدر مستوى التعليم، 

مع ظهور دكاكين جامعيّة زرعوها لأسباب سياسية مصلحية ،

وأقصيت العقول العلمية، وتعممت تجربة أهل الجهل والهوان.

يا سيدي يا سيد الحياة،  أراك من عليائك تستذكر معنا لبنان الآخر، 

حيث الأرض مقدسة مزروعة بدور العبادة ،

ومغروسة بتعب الأجيال الغابرة ، 

ومرتبطة بضمانات وطموحات الشباب الآتي.

ألم يكفنا بعد كل ما حَلّ بنا ؟

والإتهامات السخيفة المتبادلة قد أُفسدت أسماعنا، 

وقضّت مضاجعنا بعض روايات لا تنتهي من الفساد والإفساد والإثراء غير المشروع، 

وتحالف البزنس مع السياسة.

وأكثر ما يضحك وما يبكي، يوم يتبادل أهل السياسة والبزنس الإتهامات،

ويصطف على يمين كل منهما فرقٌ من الزجل غير المضحك،

وزمرٌ من المطبلين، أصحاب المصالح التي أنهكت وأنهت آخر مفاهيم دول المؤسسات.

يا سيدي، يا عالماً بكل النفوس، 

هل حصل في التاريخ ، 

أن انتظر مسؤولون تعميم الوباء على أهل الوطن ولم يتحركوا الا كلامياً،

وبعدما ضرب من ضرب وهرب من هرب؟!

هل عرف التاريخ القديم والحديث وقاحة وصفاقّة بحجم تلك التي عشناها ونعايشها؟! 

والكل مسؤول وأن بدرجات متفاوتة ، حسب التوقيت والملف.

ارحمنا يا رب الحياة، وخلصنا من الوباء والوباء السياسي،

ونحن من أكثر المدركين أن للوباء المرضي دواء آتٍ أو لقاحٌ أكيد بنعمتك تعالى.

ولكن هل للوباء السياسي دواء غير قرار يتخذه أهل لبنان؟ 

فيخلعون عنهم كل عاطفة وكل إنتماء وكل تسكع وكل مصلحة،

ويحلمون ويحملون تلك الأرزة العميقة الجذورالتي تتوسط أحمراً، 

يعبّرعن شهادة من إستشهدوا ،

وأمانة من شهدوا، 

وكرامة من غرسوا الأرض بالآمال التي ستزهر، 

بنعمتك يا رب الحياة……… وأنت سيد الإنتصار والقيامة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها