أنطوان صفير

الأثنين ١٠ شباط ٢٠٢٠ - 07:23

المصدر: صوت لبنان

ورسالتهم إيمان وحرية

بعد يومين يحتفل لبنان والعالم بعيد مار مارون، 

وهو القديس الوحيد الذي سُمِّيت كنيسة على إسمه، وحمل شعب إِسمَه منذ ثلاثة عشر قرناً ونيف.

وهو الناسك المتجرد الذي أعطى الأمثولات الساميّة، إيماناً بالله لا تزعزعه رياح الماديات والمدنيات ، ولا روحية الزحف على الأعتاب، طمعاً بمال وسلطة وتسلط: 

وهي أمراض تفتك ببعض المسؤولين المدنيين والروحيين عندنا.

هو القائد الإنساني الذي على دربه سار شعب من لبنان الى ديار الأرض،

حيثما حلّوا حاملين الأغليين: إيمانٌ وحرية. وعن هذين الأغليين دافع دفاعاً شرساً

شهادة و إستشهاداً ،عن المعتقدات الدينية، والآراء المدنية، والحرية السياسية.

وقد أقاموا مع اللبنانيين الأحرار، مسلمين ومسيحيين وطناُ حصيناُ بروح الحريات والديمقراطية وتداول السلطة….

الى أن حلّت نكبة فلسطين ومن ثم نكسة العرب بعد 1967 وكل النكسات،

وصولاً الى تحول الحصن اللبناني الى صندوق بريد لبعض الدول ،

بدم أهل لبنان وبحريتهم وبمستقبل أولادهم،

فقتلوا وقتلوا وتقاتلوا،

وهَجَروا وهُجِّروا وهاجروا،

وسُلِبوا وإستنزفوا، ووصلت بهم الحال الى ما وصلوا اليه.

وقد وصل الحصن الى دائرة الانهيار المالي والأقتصادي. 

في أكثر من حين دفعوا ثمن توق قادتهم الى السلطة ، ونمو نزاعات ونزعات مناطقية وحزبية ومذهبية…. ولكنهم ورغم الآلآم  في السياسة والإقتصاد،

ورغم نزوحهم عن بعض الأراضي التاريخية، فرسالتهم تبقى الموالفة مع الطوائف والمذاهب والمعتقدات ،

نورهم لا يشّع الا بالحريّة لهم ولسواهم ،

ولسانهم لا ينطق الا بفعل الجمع والوحدة واحترام التعددية.

نعم، نحن جيل جديد لن يقبل بعد اليوم شططاً ،

فأولى الشرعيات شرعية الأُخّوة، قبل الإنتماء لحزب أوتيار. 

نحمل صلبان الآباء والأجداد ومنها نتعظ ، قبل أن نرفع صور زعماء، 

هم معلموا الأرض وبعضهم قد عاث في الأرض، وكلنا بهم عالمون .

إنّها الإمثولات التي يتلوها موارنة الأمس على موارنة اليوم،

وأزمة الثقة قد طاولت كل موقع وكل مقام،

والكنيسة بإكليروسها ومؤسساتها مدعوّة أن تقوي أواصر الثقة مع شعبها المتألم.

هذا الشعب بشبابه لم يعد يقبل أنصاف الحلول،

أو يتقبل أنصاف المواقف،

أو يتعظ بالمواعظ التي تأكل الوقت، دون أن تجذب القلوب والضمائر. 

نعم، انَّ الموارنة مدعوون الى قول فعل الندامة،

ولكنهم مدعوون أيضاً وايضا الى تعليم بعض الموارنة وبعض اللبنانيين فعل الإيمان بالله وبحب لبنان،

فتحية لقديسي هذه الأرض وصدّيقيها،

والسلام على أرواح الحويك الكبير في مئوية لبنان الكبير،

وعريضة أبو الفقراء وصاحب الرؤية الإقتصادية،

والمعوشي رجل المواقف الصلبة،

وخريش الذي عايش الأزمات المستعصية على الحلول.

وأخيرا وفي أول عيد بعد الغياب، اسمحلوا لي ان أنحني معكم امام روح تاج الغائبين بطريركنا مار نصرالله صفير، الحاضر في ضمير المارونية وضمير أهل السنة والشيعة والموحدين والمستقيمي الرأي والملكيين والأرمن والأقليات.

هو المثال الحيّ عن لبنان الحر التعددي المستقل،  

وإن غاب هو بالجسد، فرسالة الأيمان والحريّة لكل اللبنانيين لن تضيع.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها