الجمعة ١١ كانون الثاني ٢٠١٩ - 08:11

المصدر: ليبانون فايلز

يسدّ مجرى المياه ويحتجّ من البلل.. النفايات ستعود!

مع كلّ موجة شتاء وأمطار يشهدها لبنان تطفو على سطح الأزمات قضية المياه والسيول التي تعمّ الطرقات وتجتاح السهول والبيوت والمحلات. تتعالى الصرخات والمناشدات والاستغاثات طلباً للتعويض عن الأضرار التي خلفتها العواصف والأمطار، تارة تُتهم الدولة وإداراتها بالتقصير وهذا يحصل غالباً في لبنان، وطوراً تُتّهم البلديات بأنها لم تنظّف المجاري كما يجب وهذا حاصل في أماكن كثيرة وممكن أن يحصل في أي وقت.
لكن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على المواطن، إذ أن سبب كلّ المآسي هو الإنسان وجشعه وطمعه وتعديه على ما ليس له.
فعندما ينظّف المواطن منزله ويرمي نفاياته في السواقي والجداول..(من يعيشون في القرى يعلمون تماماً ماذا نعني) من يكون مسؤولاً عن فيض المجاري وتحويل مسار المياه؟
عندما يستبيح المواطن بواسطة مسؤول نافذ مجاري الأنهر ويشيّد عليها أبنية ومنشآت مخالفاً القانون، وتجتاح السيول المطاعم وتدخل البيوت وتخلّف أضراراً، من يكون مسؤولاً عن ذلك؟
عندما تُستباح الأملاك البحرية وتُصادر الشواطىء وتجتاح الأمواج ما بُني على باطل من المسؤول عن ذلك؟
نهر الغدير سيأخذ مجراه عاجلاً أم اجلاً
نهر انطلياس لن يستطيع بناءٌ أو ساترٌ إيقافه
نهر الكلب حدّه جبل يسوع الملك شمالاً وجبل ضبيه جنوباً.
نهر الليطاني لن توقف اندفاعته استراحة شُيّدت بهدف الاستثمار أو مطعم أو مصنع مخالف.
النهر الكبير لن يحدّه ساتر ترابي وردمية أقامها أحدهم لمنفعة خاصة.. فكلّ الأنهر كبيرة كانت أم صغيرة ستعود إلى مجاريها.
أما في البحر فهناك الطامة الكبرى.
أمواج صور وصيدا وعين المريسة والروشة وجونية وجبيل والبترون.. لن توقفها تخشيبة صغيرة أو منتجع كبير خالف القانون وتعدّى على مسارها وحاول الوقوف في طريقها.
فالمياه وبفترة انهمار تستعيد حقّها المسلوب جبلاً وساحلاً. فهي وإن أطالت عمر التعديات لكنها لا تُهمل ما لها ولو أمهلت المعتدي في سنوات الشحّ …
فما يحصل أيها اللبناني ليس كوارث طبيعية كما يُسميّها المسؤولون والمواطنون لتبرير جشعهم وطمعهم، فالأمطار نعمة، وما يحصل هو استعادة حقّ سلبه الإنسان للطبيعة فثارت عليه وحوّلت النعمة نقمة، فالطبيعة ستثور في أي وقت، وستأتيك المصائب من حيث تتوقّع، لأنك تعديّت على الطبيعة وخالفت قوانينها عن سابق تصوّر وتصميم.
فلا يُمكنك أن تقف في مجرى المياه وتحتجّ على البلل.. حذار من غضب الطبيعة وحذار من استباحة حدودها والتعدّي على مجاريها.
فالسيل “مهما تأخر جايي”، وقذاراتك ونفاياتك التي ترفعها عنك لتلوّث بها الطبيعة ستُعيدها الأنهار والأمواج إليك ولو بعد جيل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها