فرنسوا ضاهر

الأثنين ٤ تشرين الثاني ٢٠١٩ - 07:14

المصدر: صوت لبنان

17 تشرين الأول .. انتفاضة الشعب

عاش لبنان منذ السابع عشر من شهر تشرين الأول من السنة الجارية حدثاً جليلاً تمثّل بانتفاضة اللبنانيين، جميع اللبنانيين بمختلف مشاربهم وأحزابهم وطوائفهم ومناطقهم وبإجماعهم الموصوف، على أوضاعهم الحياتيّة والمعيشية والخدماتية.

فكانت انتفاضَتُهم التي ما لبثت أن تحوّلت الى ثورةٍ ضد الطبقة السياسية والنظام الحاكم، تناولت فيما تناولت رموز هذا النظام وشخصياته البارزة والنافذة.

وقد نادى المتظاهرون والمعتصمون بتصحيح أوضاعهم من خلال إجراء تعديل جذري في الرجالات التي تسوس شؤونَهم.

حاولت السلطة الحاكمة استيعاب الصدمة، من خلال طرحِها رسائلَ حِسِن نوايا وأوراقاً إصلاحية وحتى خِطباً توعُدِيَّة. غير ان الشعب الثائر لم يستَكِنْ ولم يرزَحْ، لأنه فقد ثقته بها، فاستمرّ في دعوتِه وإصرارِه على التغيير الشامل. الذي تمحور حول طلب إستقالة الحكومة الحالية، وتعيين حكومة جديدة حياديّة من الفنّيين (Technocrates)، تعمل على إقرار قانون إنتخابي جديد، تُجرى في ضوئه إنتخابات نيابية مُبْكِرة.

وقد استمرّت هذه المنازلة بين الناس الثائرين والسلطة، في ظلّ حياد القوى العسكرية والأمنية، حتى أثمرت بالأمس إستقالةً للحكومة الحالية من خلال تقديم رئيسِها استقالَتَه الى رئيس الجمهورية.

بحيث أنه بتحقيق الهدف الأول للثورة، تنتقل المبارزة لتحقيق الهدف الثاني، الذي يتمثّل بتأليف حكومة جديدة حياديّة وفنّية، كما أسلفنا. من دون ان يغيب عن بال الثائرين أنه ما زال بيد السلطة إمكانية التحكّم، بالآليات الدستورية وأصول تكوين المؤسّسات، ما يكفي، لفرملة تحقّق الأهداف التي ترمي اليها الثورة. ومن بين هذه الآليات، إعادة تعويم الحكومة الحالية. 

وذلك، في حال تمّ إفتعال تعذّر تأليف حكومة جديدة بالمواصفات المذكورة.

او في حال تمَّ استئخارُ تأليفِها الى حدّْ جَعل الضرورة والمصلحة الوطنية والمقتضى الاقتصادي والإستقرار المالي، يحتِّمون إعادة تعويم الحكومة الحالية، بمن فيهم الوزراء المستقيلون منها.

من هنا، يصحّ القول ان ثورة 17 تشرين الأول 2019 هي معدّة لأن تكون مساراً، وطريقاً، ومشروعاً لإعادة بناء الدولة، وتطوير النظام السياسي فيها، وإتمام تبديل جذري في الطبقة التي تحكُمُها. لا أن تكون محطةً في حياة لبنان او حدثاً آنياً أو عابراً في تاريخه الحديث.

وإنه، على محرّكيها ومواكبيها والفاعلين المتعاطفين معها، أن يجيدوا الحفاظ على الشعلة من دون ان تنطفىء، ومن دون ان تَحرُقَ بعبثيّة وحِقدٍ ما حولها، كما حصل بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع فيه 29 تشرين الأول سنة 2019.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها