المصدر: صوت لبنان
التدقيق الجنائي يحتاج الى تدقيق
بداية وقبل أي كلام آخر إن تقرير التدقيق الجنائي الذي وضعته شركة الفاريز ومارسال يجب نشره والا لا جدوى منه رغم وجود قيد مشبوه في العقد يفيد بمنع النشر، ما يخالف مبدأ الشفافية وقانون حق كل شخص في الوصول إلى المعلومات رقم 28 تاريخ 10/02/2017 الذي ينص على أنه «يحقّ لكل شخص، طبيعي أو معنوي، الوصول إلى المعلومات والمستندات الموجودة لدى الإدارة والاطلاع عليها، مع مراعاة عدم الإساءة في استعمال الحق».
وبين الملاحظات الأولية المفيدة والممكن ايرادها من دون الاطلاع على التقرير:
اولاً: ينص العقد على تسليم التقرير الى وزير المال يوسف خليل، أي الى موظف في مصرف لبنان، رئيسه المعني الاول في التقرير الذي تحوم حوله الشبهات رياض سلامة، ما يوجب على الوزير المبادرة الى طلب التنحي والاعتذار عن النظر بالتقرير للاحراج لصفته الوظيفية.
ثانياً: هل يكشف التقرير سوء ادارة مصرف لبنان لمحفظته المالية خاصة لجهة تحديد أسباب تراكم الخسائر في الميزانيّات، والإجراءات المحاسبيّة المشبوهة، وكتم حقيقة رصيد الاحتياطي الالزامي لدى المركزي، وهوية الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين استفادوا من الهندسات المالية، وأنماط التحايل في المال العام منذ العام ٢٠١٦، والتقنين في السيولة بالعملة الصعبة لدى المصارف منذ نيسان من العام ٢٠١٨ ما يعني أن الدولار كان مفقوداً من السوق منذ ما قبل الثورة بفعل سياسات المركزي وخسائره، كما وتحديد حركة الودائع، أم يكتفي التقرير بتقديم عرض عام بحجة عدم تسليم شركة التدقيق كل المستندات المطلوبة.
ثالثاً: هل يعالج التقرير إشكالية التعويض عن الخسائر بدل توزيع الخسائر، في الحالة الأولى نكون أمام ملاحقات قضائية لكل من تثبت ادانته في الفساد وهدر المال العام، أما في الحالة الثانية فنكون أمام عملية محاسبية في السياسة.
رابعاً: هل يتصدى التقرير للتلازم بين القطاع المصرفي وأهل السياسة وللخدمات التي أمنّها حاكم المركزي لأصحاب النفوذ على حساب المال العام والخاص.
التقرير لن يكون سوى تقرير أولي preliminary report وهذا ما نص عليه العقد الموقع بين الدولة اللبنانية وشركة التدقيق.
للأسف، تقارير الفاريز ومارسال حول اداء القطاع المصرفي في السعودية والامارات منشورة للعلن، والتقرير في لبنان يمنع نشره. لماذا؟ لأن الحكومة اعترفت في متن العقد بأن مهمة A&M لا تشكل تدقيقاً does not constitute an audit ، وبالتالي لا يمكن إبراز التقرير أمام أي جهة ثالثة بما فيها القضاء، ولا يمكن الاستناد اليه لترتيب المسؤوليات. ٢،٧ مليون دولار ذهبت هدراً.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها