المصدر: المدن
حرق سيارة مفتشة تربوية تحقِّق بفساد مستشر بمدارس طرابلسية
هي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مفتش تربوي للاعتداء، لمنعه من مواصلة تحقيق ما. فتعرض المفتشة التربوية مهى الخيّال لاعتداء يوم السبت الفائت، في طرابلس، تكملة لمسار منع ما تبقى من أجهزة الرقابية من القيام بدروها.
القطاع التربوي والعمل المشين
وكانت الخيّال تعرضت لحرق سيارتها في طرابلس يوم السبت الفائت. إذ أقدم مجهولون يستقلون دراجة نارية على كسر زجاج سيارة الخيّال وألقوا بداخلها عبوة حارقة أدت إلى اشتعال السيارة وتضرر سيارات أخرى بجانبها. وأعقب الحادثة بيانات استنكار من وزير التربية عباس الحلبي وصولاً على روابط المعلمين وجهات رسمية وخاصة في طرابلس. أما المفتشية العامة التربوية فقد نفذت وقفة احتجاجية أمام مبنى التفتيش المركزي في بيروت اليوم الإثنين، احتجاجاً على الاعتداء الذي طال المفتشة الخيّال.
المستغرب في الحادثة ليس الاعتداء بذاته كفعل لمنع التوسع في تحقيق ما، كما يحصل في الأفلام البوليسية، بل الجهة المعنية في التحقيق، أي وزارة التربية. وقد ورد في بيان الاستنكار الذي صدر عن المفتشية التربوية العامة “تستغرب المفتشية العامة أن يكون المشتبه بهم في هذا العمل المشين أفراد ينتمون إلى قطاع التربية والتعليم، الذين يفترض بهم أن يكونوا مثالاً وقدوةً في حسن السلوك والاخلاق الحميدة”.
ووفق مصادر “المدن”، تسلمت المفتشة الخيّال ملفات في أكثر من مدرسة في طرابلس تتمحور التحقيقات فيها حول فساد مالي وإداري وتربوي. وقد سبق وتلقت تهديدات من شتى الأنواع. وقد انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الملفات التي كانت تحقق فيها الخيال مثل ملف تحرش الأستاذ س. م. بالطالبات في ثانوية جورج صراف للبنات في طرابلس، وملف اختلاس أموال من صندوق مدرسة حي النزهة الرسمية، والتي أدت إلى كف يد المديرة ف. ح. من منصبها، وهربها إلى ألمانيا لاحقاً.
من يعوض على المفتش؟
المفتشة العامة التربوية فاتن جمعة وضعت الحادثة في عهدة الأجهزة الأمنية والقضائية لكشف ملابساتها، مشددة على ضرورة توقيف الفاعلين. ورفضت الدخول في السجال الحاصل على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن المفتشة الخيال تعمل على العديد من ملفات الفساد الإداري والمالي والتربوي في العديد من المدارس، والتصويب على حادثة بعينها قد يكون هدفها تضليل التحقيق.
في انتظار كشف ملابسات هذا الاعتداء، السؤال هو: هل ستعوض الدولة على الخيّال؟ سبق وتعرض زملاء للمفتشة الخيال إلى اعتداءات طالت ممتلكاتهم الخاصة، لثنيهم عن ملاحقة الفاسدين في الإدارات. أحدهم تعرض لحادثة تمزيق دواليب سيارته الأربعة. ولم يتم التعويض عليه. وثمة حوادث أخرى مثل تحطيم زجاج سيارة وغيرها. ورغم أن هكذا حوادث، التي يتعرض لها المفتشون، تقع في صلب عملهم، أي أنها حادثة عمل، لا تصرف لهم تعويضات.
في ظل عدم توفر لا الحماية الأمنية ولا المادية للمفتشين، كيف يتمكن الموظف من متابعة مهامه والقيام بواجبه؟ الدولة سائبة والمعتدون يعرفون من أين تؤكل الكتف: لا تعويضات تصرف للمفتشين عن الأضرار التي تحلق بهم جراء ممارسة وظيفتهم. فيختار المعتدون أفضل أسلوب “تربوي” لردع مواصلة التحقيقات: تحميل المفتشين ثمن جرأتهم على مكافحة الفساد من جيبهم الخاص.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها