المصدر: صوت لبنان
لماذا لم يرمِ “الممانعون” اسرائيل في البحر؟!
شتان بين 7 أكتوبر و8 أكتوبر! ففي الحقيقة، لا يشبه 8 أكتوبر الممانعة ل 7 أكتوبر حماس بشيء!
وما تبين من أفعال “الممانعة”، وحتى من تصاريح قادتها، أنه ليس هناك هدف لرمي اسرائيل في البحر حالياً! فرمي اسرائيل في البحر هدف مؤجل الى ما بعد بعد بعد…!
فحزب الله يحارب… لوقف الحرب. ويطلق النار… لوقف إطلاق النار! والهدف هو وقف النار في غزة. فوقف النار بالنسبة لحزب الله اليوم هو الانتصار، وليس استمرار الحرب على اسرائيل لإزالتها!
فالمقاومات اليوم في الممانعة هي ليست للهجوم على اسرائيل، بل لتجنب استمرار الحرب معها. والضغط في الحرب هو فقط لوقفها! وتكتفي الممانعة بضربات “مزعجة” لاسرائيل ولكن من دون خطر “وجودي” أو جدي عليها، ومن دون أذية جدية لها، كما في 7 أكتوبر!
تنتظر حماس موافقة اسرائيل على وقف النار لتعلن انتصارها! وأقصى طموح حماس اليوم هو وقف النار. فالبقاء، بأي شكل من الأشكال بالنسبة لها، هو بمثابة انتصار، أياً تكن فاتورة غزة! ولأن اسرائيل تدرك ذلك، فهي لا تقبل بالمفاوضات، لا بوقف النار ولا بوقف الحرب وعلى الأرجح، لن تقبل بهما عما قريب!
*”الممانعة” تضيع “المقاومة” في 8 أكتوبر!*
8 أكتوبر، غداة طوفان الأقصى، حيث كانت اسرائيل تئن أرضاً من ارتجاج دماغي، من لكمة على الرأس وجهتها لها حماس، كان الفرصة الأفضل إما لإزالة اسرائيل، أو على الأقل لاستعادة قسم من الأراضي التي تحتلها!
8 أكتوبر، كان فرصة كل فلسطيني يؤمن بخيار المقاومة كي يتحرك؛ كأن يقوم بانتفاضة كبرى في الضفة أو كأن يقوم فلسطينيو 48 بانتفاضتهم، أو أن يقوم فلسطينيو الأردن وسوريا ومصر ولبنان بمحاولات اختراق للأراضي المحتلة…
ويمكن أنه كان فرصة لفلسطينيي الخارج، المتحمسين على الواتساب، وفي صالونات الدول الغربية للعودة والقتال لاستعادة الأرض، أو على الأقل لتمويل كل ذلك!
ولم يحصل أي شيء من هذا! والكل يتهم الكل بالتفرد وبعدم التنسيق، على أرضية اللاثقة المطلقة بين بعضهم البعض!
انتظر الكثيرون من جمهور وبيئة محور “الممانعة”، وحتى من خصومهم، في 8 أكتوبر أن تتدخل إيران مباشرة أو أن تهاجم سوريا الأسد اسرائيل لاسترداد الجولان. أو أن يدخل حزب الله الى الجليل.
وانتظروا أن تقصف إيران والحزب تل أبيب والمنشآت الاسرائيلية بعشرات آلاف الصواريخ، وأن يتحرك فيلق القدس وأن تصل مئات المسيّرات الايرانية والحوثية في 8 أكتوبر (وليس بعده، بالرد على قصف القنصلية في دمشق) وأن تحشد الميليشيات العراقية عساكرها “على طريق القدس”…
ولكن أي شيء من ذلك لم يحصل! فللمحور “الممانع” لم يأتِ بعد زمن رمي اسرائيل في البحر!
محور الممانعة حصل على فرصة فريدة، قد لا تتكرر عما قريب! فما هي الفرصة الممكنة الأخرى لمهاجمة اسرائيل أفضل من 8 أكتوبر؟ وبأي ظروف أخرى؟!
و”الممانعون” يصبون غضبهم على العرب وعلى الخليجيين منهم. ويتهمونهم بعدم التحرك وبعدم دعمهم، لا بل بمساندة ودعم اسرائيل! في حين أن الحركة الديبلوماسية العربية لم تكن كافية فعلاً هي الأخرى لا لوقف النار ولا لإنقاذ أهل غزة! هذا في حين يتهم قسم من العرب قادة الفصائل الفلسطينية أنهم لم ينجحوا بتوحيد صفوفهم حتى في أوج مأساتهم!
حزب الله يقوم من جهته بحرب الإسناد. وعلى الرغم من تكاليفه الباهظة في عدد شهدائه، فهو يدرك أن الإسناد وحده لا يكفي لإنقاذ أطفال غزة! ولكن “ضميره مرتاح” مع شلال من الشهداء أنه يقوم بما يمكن، وبحدود إمكانياته، لتخفيف العبء عن غزة! وهو لم يكن ليتردد بالقيام بأكثر من ذلك لو كان يستطيع!
وقف الحرب في غزة اليوم أصبح ضرورة إنسانية، أياً يكن الرأي أو التحرك السياسي أو العسكري. لأن في هذه الحرب ترتكب اسرائيل يومياً المجازر تلو المجازر بحق الشعب الفلسطيني أولاً. ولأن فاتورة الشهداء وصراخ الأوجاع الهائلة أصبح أكثر من قدرة أي عاقل على الاحتمال!
ولا يكفي تبرير اسرائيل أن حماس هي من بدأت الحرب لقتل كل أهل غزة! ويمكن لحماس أن تجيب أن الحرب لم تبدأ في 7 أكتوبر بل منذ 75 سنة!
ويبقى السؤال: هل يتجزأ العمل المقاوم؟ هل يمكن المقاومة في يوم، وثم التمنع عن المقاومة في يوم آخر؟! وهل يمكن أن يرمي “الممانعون” اللوم على الآخرين بسبب عدم جهوزيتهم (الممانعين) وبالتالي بسبب عجزهم عن القيام بعمل هجومي ضد اسرائيل لتغيير الواقع والمعادلات والجغرافيا؟
قد يكون الانتصار الأكبر في وقف النار اليوم هو إنقاذ أرواح من تبقى من أهل غزة، وليس أي شيء آخر! لأن أجيال غزة المقبلة قادرة بعد عودتها الى المدارس والجامعات أن تحدد وأن ترسم مستقبلها بنفسها، إذا ما أفسح لهم العالم المجال للحياة، بالاعتراف بدولة فلسطين أولاً!
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها