خالد حمادة

الثلاثاء ٢٩ نيسان ٢٠٢٥ - 07:45

المصدر: اللواء

سلاح حزب الله بين بندر عباس وحي الجاموس

أضحت الضربات الجوية الإسرائيلية التي تتوزع بين الجنوب والضاحية الجنوبية تقليداً يومياً، ومسوغات الإعتداءات محاولات حزب الله لإعادة تكوين بنيته العسكرية وفقاً للرواية الإسرائيلية. الأبنية المستهدفة لم يدخلها الجيش اللبناني أو مُنع من دخولها، ودائماً في سياق الدوران حول نظرة حزب الله لتنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 الذي شاء رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إدراجه تحت عنوان الحوار لحصر السلاح بيد الدولة.
يضع الحوار المعلق على شروط حزب الله الدولة اللبنانية أمام مأزقين، الأول حيال المجتمع الدولي ويتمثل بتجريد الدولة من دورها كطرف في اتّفاق دولي تقع عليه موجبات ضمان أمن اللبنانيين واستعادة السيادة الوطنية، لتتحول إلى وسيط نزيه بين حزب الله وإسرائيل عبر الولايات المتحدة، أما المأزق الآخر فمحلي وإقليمي ويتمثّل في عودة الدولة في حسابات اللبنانيين كما في حسابات العالم العربي الى مربع ما قبل اتّفاق وقف إطلاق النار. وما بين المأزقين يصبح التأكيد المستمر على قرار الدولة بحصرية السلاح أو بجدوى الحوار لتجنب العودة الى الحرب الأهلية خارج الواقعية، في ظلّ شراكة يرومها حزب الله مع الدولة اللبنانية ويرفع لواءها تحت عنوان استراتيجية الأمن الوطني من خلال الحوار المنشود، بالتوازي مع تخلي الدولة الطوعي عن أبسط مقومات تحقيق التوازن مع الحزب ودون تقدير المخاطر المترتبة على العدوان الإسرائيلي المستمر.

وفي هذا السياق أتى الموقف الأخير للرئيس نبيه بري ليضيف مزيداً من قتامة المشهد. ففيما حاول رئيس الجمهورية إضفاء مسحة من الثقة لدى اللبنانيين بالحوار المنشود عبر التأكيد على التفاهم مع الرئيس بري لتحقيق حصرية السلاح ، أعاد الرئيس بري خلط الأوراق بالقول «سلاحنا هو أوراقنا التي لن نتخلّى عنها بلا تطبيق فعلي لاتّفاق وقف النار والذهاب إلى حوار في مصيره”، متسقاً بذلك مع موقف حزب الله الرافض لتسليم السلاح بل مناقشة دوره في الصراع مع إسرائيل.
الشطط الذي يجمع موقفيّ بري والحزب يكمن في موافقتهما على التخلي عن السلاح جنوب الليطاني والتمسك في الوقت عينه بمناقشة دور هذا السلاح خارج الجنوب في الصراع مع إسرائيل!!! فهل الدولة اللبنانية هي الفريق الذي يريد الثنائي أمل حزب الله مناقشته في مسألة السلاح، وماذا لديها لنقدمه للحزب؟
يأخذنا كل ذلك إلى معادلة جديدة قد يعتقد الحزب أنها قابلة للتفاوض مع واشنطن، ففيما استندت معادلة العام 2006 وما قبلها على تحقيق مكتسبات مقابل التزام الحزب بعدم تهديد استقرار شمال إسرائيل، تستند المعادلة الجديدة إلى عدم تهديد استقرار لبنان. فهل يمكن فصل ما يجري عن سياق التفاوض الذي تخوضه طهران في أصعب الظروف مع واشنطن حيال ملفها النووي؟
لا تقلّ مخاطر قرار حزب الله بعدم تسليم السلاح عن مخاطر حرب الإسناد التي خاضها والتي أدت إلى تدمير بنيته التحتية ومنظومة قيادته، كما إن محاولة القول أن قرار الحزب في حينه بالإستمرار بالحرب لم يكن بدفع من طهران يفتقر الى المصداقية، في ظلّ الإصابات التي تكبدها الحزب تدريجياً والعروض التي قُدمت له لوقف الحرب. المعادلة تتكرر اليوم بإعلان الحزب عن استعداده لحرب إسناد جديدة لصالح طهران عنوانها استقرار لبنان وليس استقرار الحدود الشمالية لإسرائيل.
إنّ أوجه التشابه بين ما يحصل في سلطنة عُمان وما يحصل في بيروت متعددة. في بيروت قالت واشنطن كلمتها المتعلقة بسلاح حزب الله عبر موفدة الإدارة مورغان أورتاغوس التي مضت تاركة للحكم والحكومة تحمّل تبعات خياراتها بعد تعليق عمل اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ الإتّفاق، فيما تستمر إسرائيل باعتداءاتها اليومية حتى مشارف العاصمة. وفي مسقط قالت الولايات المتحدة كلمتها بشأن الملف النووي على لسان ستيف ويتكوف فيما تستمر الضربات الجوية على الحوثيين في اليمن وكان آخرها تدمير مرفأ رأس عيسى في اليمن.
وما بين تزامن المفاوضات المستحيلة مع حزب الله والمفاوضات النووية المقفلة الأفق مع طهران أكثر من نقطة تقاطع، وما بين العدوان الأخير على حيّ الجاموس بعد منع الجيش من دخول الموقع وانفجار مرفأ بندر عباس أكثر من درس يستحق القراءة لمن يرغب في لبنان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها