المصدر: النهار
غزّة أمام الفرصة الأكثر جدّية… هل تتوقف الحرب؟
محاولة جدّية جديدة هدفها التوصّل لصفقة وقف إطلاق نار في غزّة، تبدو كأنها أقرب من أي وقت مضى لتتحقق، والعامل الأكثر تشجيعاً هو إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التوصّل لهذا الاتفاق بعد انتهاء الترتيبات العسكرية في الإقليم وتوجيه الضربة الأقسى ضد إيران، لكن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير واضح بعد.
يصر ترامب على إنجاز هذه الصفقة والتمهيد لصفقات أخرى في المنطقة تخفف من التوتر السياسي والعسكري الحاصل، منها ما هو مرتبط بإيران وأخرى مرتبطة بسوريا ولبنان، لكن نتنياهو القلق على مستقبله السياسي لا يرغب في خروج إسرائيل من حالة الحرب المستمرة إلّا بعد حصوله على ضمانات بإسقاط المحاكمات ضده وضمان استمراره بالعمل السياسي.
الكاتب السياسي الفلسطيني محمد هوّاش يرصد جواً جديداً مرتبطاً باتفاق وقف النار المحتمل، ويقول لـ”النهار” إن العامل الأكثر تأثيراً هو طلب ترامب التوصّل لاتفاق موقّت تجري خلاله عملية مفاوضات حول إمكانية إنهاء الحرب، وينطلق هوّاش من رغبة ترامب بتحويل المكاسب العسكرية التي حققها في الإقليم إلى اتفاقيات سياسية واقتصادية.
الكرة في ملعب نتنياهو الذي لا يرغب في إنهاء الحرب، لكن هوّاش مقتنع بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يوافق على طلب الرئيس الأميركي، ويطلب بالمقابل مكاسب ووعوداً أميركية مرتبطة باليوم التالي في غزّة، لكن في الآن عينه، فإن ترامب يريد أن يعرف من نتنياهو ما ترفضه إسرائيل، حتى “لا يتورّط به”، أو بمعنى آخر، حتى لا يخوض مغامرات غير محسوبة تصل إلى الفشل.
ويستطرد في هذا السياق: “نتنياهو يريد استمرار هذه الحرب إلى ما لا نهاية، لكن الواقع شيء آخر، إذ لا يمكنه أن يختلف مع ترامب، خصوصاً أن الرئيس الأميركي أعطى إسرائيل والحكومة اليمينية فرصاً كثيرة، وهو ما لم يعطه أيّ رئيس أميركي سابق، وبالتالي إن كان لترامب إرادة سياسية للتوصل لاتفاق، فلا يمكن لنتنياهو مخالفة ذلك”.
ويعدّد هوّاش العوامل الإسرائيلية الداخلية التي تدفع أيضاً باتجاه التوصّل لصفقة وقف إطلاق نار وتبادل رهائن ومحتجزين، ويشير إلى أن المجتمع الإسرائيلي يريد صفقة جزئية ممكن أن تصبح كلية، والمعارضة من جهتها تريد الصفقة أيضاً، أما الجيش، فقد عرض أمام المستوى العسكري 3 خيارات، إما الصفقة، أو إعادة احتلال غزّة، أو عمليات في مواقع لكن لا يتوقع أن يكون فيها رهائن.
في المحصلة، فإن لقاء ترامب – نتنياهو محطّة فارقة في تاريخ هذه الحرب الأطول في السجل الإسرائيلي، ومع انتهاء الترتيبات العسكرية والأمنية وحتى السياسية في المنطقة، يريد ترامب الانتقال من مرحلة الحرب المستمرة إلى الصفقات مع إيران وعلى مستوى اتفاقيات أبراهام، فهل ينجح هذه المرّة في تحقيق الخرق الفعلي المطلوب، أم تنتصر رغبات نتنياهو؟