عباس الحلبي

الأثنين ٢ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 12:33

المصدر: صوت لبنان

عملٌ فردي غير مسؤول يورط المجتمعات بالصراعات

بغض النظر عن موضوع الرسوم فالعلاقات بين العالم الاسلامي والغرب الأوروبي لم يحتمل لتفجيرها أكثر من هذه الحادثة. وهل فعلاً هو الحرص على النبي الكريم أم أن الاستغلال السياسي هو الذي أدى إلى مثل هذه الاضطرابات والتظاهرات في العديد من الدول ومنها بلدنا. وهل أنَّ جز الرؤوس وذبح المدنيين الأبرياء يرضي برأي الغاضبين رسول الله ويأخذ بثأره. 

هذا الاسلام العظيم المنتشر في بقاع العالم والذي يعلم الرحمة والرأفة والتسامح يستغله البعض لتحقيق اجندات في سياساته الخارجية والرئيس التركي نموذجاً.

صحيح ان بعض القيم تختلف من دولة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر ولكن الصحيح أيضاً أنَّ حرية التعبير في الغرب ليست كما هي عندنا في المشرق العربي وفي العالم الاسلامي.

هناك حرية مطلقة لا حدود لها. اما في بلداننا فهي حرية معلَّبة طالما تحابي الحاكم والسلطة فاذا خرجت عن هذه المحاباة كان مصيرها السجن والاضطهاد.

عملٌ فردي غير مسؤول ومستنكر يورط المجتمعات بالصراعات ويعيد فتح السجلات العتيقة بالحروب والعنف والإرهاب.

العبرة هي هل لهذه الدرجة من الهشاشة كل ما يحكى عن الحوار الاسلامي المسيحي والحوار بين الشرق والغرب وبين الاسلام والمسيحية؟

مشكلة المسلمين المقيمين في اوروبا هي مشكلة ثقافية أكثر منها دينية. خطأ السلطات هو في سماحها استيراد علماء من دول اسلامية بعقليات متخلفة للارشاد في المساجد والزوايا لمسلمين يعيشون في مجتمعات اوروبية مختلفة المبادئ والقيم ويعلمون بغالبيتهم التطرف والإقصاء وخطاب الكراهية والتكفير.

بعضهم وهو يدّرِّس في روما او باريس او لندن وكأنه يدَرِّس مجموعات في زوايا بلدات بعيدة في العالم الاسلامي وفق سلم قِيَم ومبادئ متناقضة كلياً مع قيم ومبادئ الدول الأوروبية. 

اهمال الوافدين وحصرهم في غيتوات منعزلة وفشل سياسة الاندماج ادى إلى وجود مجتمعين متوازين لكل منهما قيمه ومبادءه وطرق عيشه. الم نرَ من يضحي بخروف العيد على قارعة رصيف في احدى العواصم الاوروبية؟

وما هو مصير الوثائق التي صدرت والتي وضعت أسس التفاهم والحوار بين الشرق والغرب والمسلمين والمسيحيين ابتداءً من المجمع الفاتيكاني الثاني 1965 حتى زيارة البابا فرنسيس إلى الامارات واصدار وثيقة الاخوة الانسانية مع إمام الأزهر وكل الوثائق والمؤتمرات والابحاث التي جرت.

التطرف الإسلامي يدفع ثمنه الأبرياء والمدنيون وهو يغذي التطرف اليميني في أوروبا فَكَمْ من دولة أوروبية أصبحت محكومة باليمين المتطرف الكاره للمسلمين والأجانب. أهكذا يكافأ المعتدلون المنفتحون الذين يدافعون عن قضايانا العادلة كالرئيس ماكرون مع خطئه في موقفه والتضحية به على مذبح العصبيات القاتلة. 

الرحمة للمدنيين الذين يدفعون ثمن هذا التطرف الذي لا علاقة له بالدين الإسلامي وهو منه برأ وحسناً فعلت بعض القيادات الإسلامية بالإستنكار والإدانة والغضب لأن المجرمين الذين يرتكبون جرائم القتل للأبرياء مرفوض ومدان في الإسلام الذي لا يمكن تحميله وزر هذه الجرائم.

التضامن مع عائلات الأبرياء.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها