المصدر: صوت لبنان
إنذار بابوي للمسؤولين اللبنانيين
تحذير البابا فرنسيس الديبلوماسي من فقدان لبنان لهويته وتجربة العيش الأخوي، يتجاوز المجاملات المعهودة في التعامل مع رؤساء الدول، ويضع النقاط فوق حروفها الصحيحة، في مرحلة يتعرض فيها البلد لموجات من الانهيارات المتتالية، تهدد الدولة والصيغة والكيان.
الرسالة البابوية توجهت إلى رأس الدولة مباشرة، المؤتمن دستورياً، على سلامة الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية، وصون وحدة الأرض والشعب والمؤسسات.
ويبدو أن دوائر الفاتيكان حرصت على وضع التحذير البابوي في إطار رسالة رسمية وعلنية إلى رئيس الدولة، وعدم الاكتفاء بتمريرها في عظة الأحد مثلاً، أو المناسبات الأخرى، تأكيداً لحجم المخاطر التي تستشعرها المرجعية المسيحية الأعلى في العالم على الوضع اللبناني، وواقع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، في ظل التراجع المتزايد في نفوذ الدولة، والضعف المستشري في مفاصلها السياسية والأمنية.
وبخلاف الخطاب الشعبوي الذي جعل من لازمة «الدفاع عن حقوق المسيحيين» معزوفة شبه يومية، ولا علاقة لها بالممارسات السياسية التي تُطيح بما تبقى من وجود مسيحي في لبنان، أكدت الرسالة البابوية على أهمية تجربة «العيش الأخوي» التي جعلت من لبنان وطن الرسالة إلى العالم أجمع.
وينطوي هذا الكلام البابوي الواضح على رفض كل الطروحات التي يُغامر أصحابها بقواعد وأسس الوحدة اللبنانية، وفي مقدمتها مزايدات الفيدرالية وتقويض إتفاق الطائف، وممارسة أسوأ أساليب التسلط والاستئثار على مقدرات الدولة.
ولعل الرغبة البابوية المتجددة بزيارة لبنان و«شعبه الحبيب» في أقرب فرصة، تأكيد جديد على إستمرار رعاية الفاتيكان للصيغة اللبنانية، والاهتمام بما وصلت إليه أمور البلد من تردٍ وتأزم وصلت إلى حدود محنة غير مسبوقة في تاريخ بلاد الأرز.
الرسالة البابوية أبعد من مجرد تحذير، إنها جرس إنذار لكبار المسؤولين بضرورة العودة إلى أرض الواقع، والعمل «من دون هوادة من أجل الخير العام في بلد الأرز»، وعدم هدر المزيد من الوقت والفرص في مناورات المصالح الفئوية والأنانية الضيقة.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها