المصدر: المدن
استقالة جمال عيتاني: أغضب بهاء الحريري.. وخيب أمل سعد
السبب الرئيسي الذي أعلنه رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لاستقالته مساء أمس من رئاسة بلدية بيروت، هو المرض وعدم القدرة على متابعة عمله لأسباب صحية. فهو كما يقول عارفوه يعاني من ورم خلف أذنه. وأجرى عملية منذ سنتين وشفي منه. لكن يبدو أن الورم تجدد ما استدعى معاودة العلاج.
أحلام الحريري
أتى عيتاني رئيساً لبلدية بيروت عارضاً مشاريع ضخمة جداً في برنامجه الانتخابي لكسب ود أبناء العاصمة. ووصل به الأمر التحدث عن إنشاء قطار يسير بالجو فوق مدينة بيروت، وتحويل شوارعها للعمل بالطاقة النظيفة وإنشاء حدائق، ومعامل لمعالجة النفايات بطرق حديثة. لكن أحلام الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري لمدينته بيروت، التي كلف عيتاني بمتابعتها، انتهت لتصبح حبراً على ورق.
بعد أكثر من سنة على انتخابه في العام 2016 لم يحقق المجلس البلدي إلا مشاريع لاقت اعتراض أهالي بيروت. من أعمال صيانة نفق سليم سلام بمناقصة رست على شركة جهاد العرب بنحو 18 مليون دولار، إلى مناقصة إنشاء حديقة باسم المفتي الراحل حسن خالد التي رست على شركة “هايكون” لصاحبها عماد الخطيب بأكثر من ثمانية ملايين دولار مروراً بتزيين شجرة الميلاد وبعض شوارع العاصمة في العام 2018 بقيمة مليون دولار، تبين أنها تنفيعة لجمعية تأسست في العام 2017.
خلافات طائفية
المدافعون عن عيتاني في المجلس البلدي ينفون هذه الأرقام المتداولة ويؤكدون أن كلفة صيانة النفق كانت بستة ملايين دولار فيما تزيين شوارع العاصمة كانت بخمسمئة ألف دولار. والمجلس البلدي الذي رأسه وضع كل الدراسات اللازمة لتنفيذ القطار الجوي والمشاريع التي وعد بها. لكن لا سلطة فعلية للمجلس البلدي طالما أن الصلاحيات التنفيذية بيد محافظ بيروت. كما أن المجلس البلدي عانى من إشكاليات بين الأعضاء المسلمين والمسيحيين وخلافات حول كيفية الانفاق، فكان البعض يصر على صرف كل قرش على قاعدة ستة وستة مكرر.
وتضيف المصادر أن الخلافات في البلدية وصلت إلى طروحات تقسيم العاصمة وجعلها بلديتين، ولم تخفت المطالب بهذا الشأن لو لم يسرب أحدهم كل بيانات البلدية. ورغم أن موضوع التقسيم سياسي، إلا أن الوثائق المسربة أظهرت للجهات التي أصرت على التقسم أن الجباية الأساسية في العاصمة مركّزة في المناطق السنية. والتقسيم بهذا المعنى يعني أنه على البلدية الثانية عندما تنشأ إعادة تقييم القيم التأجيرية في منطقة الاشرفية والجوار. وهذا من شأنه تصعيد نقمة السكان على البلدية الثانية. غير ذلك كان البعض مصرّ على تحويل الكرنتينا إلى سنتر تجاري شبيه بالوسط التجاري للبلدية الثانية.
بلدية مفلسة
مصادر متعددة أكدت أن عيتاني قرر منذ أكثر من سنة تقديم استقالته للتفرغ لأعماله في جمهورية مصر العربية. لكن الرئيس الحريري رفض الأمر يومها. فتريث ولم يقدم على هذه الخطوة. رأى حينها أن البلدية باتت مفلسة ولم تعد قادرة على تنفيذ المشاريع الكبيرة. أما الحديث عن أن راتبه في البلدية المقدر 24 مليون ليرة فمجرد كلام لا معنى له. فالبلدية تملك حالياً 850 مليار ليرة. كانت قبل الازمة نحو 800 مليار بما يعادل 550 مليون دولار، وحالياً باتت أقل من مئة ألف دولار. مبلغ لا يشجّع على البقاء.
وينتقد المدافعون عن عيتاني تناول العديد من البيارتة له بالسوء واتهامه بالفساد. فوضع البلدية صعب جداً والعراقيل التي وضعت منعت تنفيذ المشاريع الكبرى. وبعض منتقدي عياتني كانوا على رأس المستفيدين من مشاريع البلدية. أما حالياً وبعدما أفلس البلد يريدون تحميله المسؤولية. هذا فيما لم يسأل أحد عن الذين يريدون استثمار الأملاك العامة التي تملكها البلدية بالمجان.
ويقول المدافعون عن رئيس البلدية إن ما يشاع عن تخلي الحريري عنه لسبب قربه من رجال أعمال عاشوا على أمجاد الحريري ثم تخلوا عنه، مجرد أحاديث فارغة. فقد ابدى رغبته بالاستقالة منذ أكثر من أسبوع وأبلغ الحريري بالأمر. بمعنى آخر جل ما في الأمر أن وضعه الصحي يستدعي الراحة حالياً، ليعود ويتابع أعماله الخاصة لاحقاً.
تسبب بخلافات الحريريين
كان عيتاني الشخص الأكثر حظوة عند شقيق سعد الحريري بهاء. فقد سلمه تنفيذ مشاريع شركة العبدلي والبولفار في الأردن. وتشرح المصادر أن عيتاني كبّد شركة بهاء خسائر بتسعين مليون دولار في مشروع الأردن، الذي ما زال غير منجز وفق الاتفاق. وفي المرحلة الثانية من تنفيذ المشروع كان يفترض أن تتم الاستملاكات للعقارات. وكان يفترض أن تستملك الدولة الأردنية. لكن عياتني اقنع بهاء بان يستملك هو عبر دفع سمسرات لأصحاب الأراضي. ما أدى إلى مشاكل قانونية كبيرة مع الدولة الأردنية، وصلت إلى حد صدور مذكرات توقيف بحق عيتاني. واضطر بهاء إلى إعادة هيكلة الشركة وتحمل الخسائر الطائلة. وبالتالي أحد الأسباب الرئيسية لخلافات سعد وبهاء هي عيتاني نفسه. فقد قرر الحريري ترشيح عيتاني لرئاسة البلدية واحتج بهاء على شقيقه الذي يرشح الشخص الذي أفلس شركته بالأردن.
وفق مصادر بيروتية تم التوافق على انتخاب المهندس عبدالله درويش خلفاً لعيتاني. فهو قوي الشخصية داخل المجلس البلدي، ولا خلافات له مع الأعضاء. لكن المطلعون على أجواء المجلس البلدي يؤكدون أن الخلافات داخل البلدية وآلية العمل تعقد الأمور حتى على خلفه. بمعنى أن أي شخص يحل مكانه لن يستطيع تنفيذ أي مشروع. ويصعب جداً أن تقوم قائمة لبلدية العاصمة في الوقت الحالي.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها